كان من المضحك أن تخاطب صحيفة "نيويورك دايلي نيوز" باراك أوباما بالقول: "لقد خذلت العالم"، لأنه لم يشارك في مسيرة باريس الدولية التي جمعت زعماء اربعين دولة، وهو ما يدفع تلقائياً الى السؤال هل بهذا الغياب فقط خذل أوباما العالم، وخذل أميركا قبل العالم ؟
قبل عرض مسلسل الخذلان الذي يراكمه أوباما لأميركا والعالم، مفيد ان نعرف ان وزير العدل الاميركي اريك هولدر كان في باريس لكنه لم يشارك في التظاهرة، او ينب مثلاً عن وزير الخارجية جون كيري الذي كان في الهند، باعتبار أن أوباما مشغول بما هو أهمّ، وتحديداً بإيجاد بلدان تقبل بأن يصدّر اليها عدداً من المحتجزين في غوانتانامو الذي يريد انهاء عهده بإقفاله!
لا داعي الى السؤال عن سبب تخلّف نائبه جو بايدن عن الذهاب الى باريس، وخصوصاً بعدما بلغ به الإحساس بإنهيار الدور الاميركي درجة القول لرئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني في ١٧ من الشهر الماضي: "لقد أصبحتم أمل العالم في مواجهة الارهاب"، وهو ما يدفع الكثيرين الى القول اذاً إن أميركا اصبحت خيبة العالم في مواجهة الإرهاب، وربما فجيعة العالم في تفقيس الارهابيين على ما حصل ويحصل في سوريا والعراق!
لن أدخل في التفاصيل، يكفي ان نقارن بين ما يجري في الموصل حيث بدأ سلاح الجو الاميركي قصفه تحديداً في ١٠ آب الماضي، وكوباني التي إندفعت فرق من النساء الكرديات المقاتلات الى الدفاع عنها ضد "داعش" منذ ثلاثة أشهر، حتى قبل وصول وحدات من البشمركة لدعم المعركة، ويكفي الآن ان نعرف انه تم تحرير ٨٠٪ من كوباني، بينما يتحدث الجنرال جون آلن منسق الائتلاف الدولي عن الحاجة الى ثلاث سنوات لاستعادة الموصل، وهو ما يدفعنا الى طرح السؤال: ولكن ماذا سيبقى من العراق وسوريا بعد ثلاث سنوات؟
مرة جديدة طالب جون ماكين الرئيس أوباما بتدخل بريّ ضد "داعش" في سوريا والعراق، وبتسليح "الجيش السوري الحرّ" وفرض مناطق حظر طيران للقضاء على التنظيم، لكن أوباما الذي جاء ليسقط سياسة جورج بوش الحرب على الارهاب لن يرد قطعاً. ماكين قال لشبكة "سي. ان. ان" إن أوباما تجاهل آراء مستشاريه بإبقاء قوة في العراق وبتسليح "الجيش السوري الحر"، وهو ما أدى الى قيام تنظيم "داعش" الذي أصبح أكثر منظمة متشددة عرفها التاريخ.
المثير أن رئيس الأركان الجنرال مارتن ديمبسي الذي طالما كان يرفض التدخل العسكري ويمالئ أوباما في معارضة تسليح "الجيش السوري الحر"، أعلن فجأة أمس أن القوات الأميركية مستعدة لخوض معركة بريّة ضد نظام الأسد إذا طلبت الإدارة ذلك، لكأنه بهذا لا يريد أن يقيّد على خانة أوباما مهندس الهزائم الاميركية!