"عُدنا والعود أحمد".. لا تنطبق هذه العبارة على أجواء ساحة "رياض الصلح". فعودة أهالي العسكريين المخطوفين إلى الساحة رافقتها هذه المرة أجواء أقلّ ما يقال عنها أنها تنذر بالأعظم.

 

أما عنوان المرحلة المقبلة، فيتلخّص بثالوث "الغضب، التهديد، التحرك"، لأنه يبدو أن سلميّة المطالبة التي كانت معتمدة في الفترات السابقة، لن تجدَ لها محلاًّ من الإعراب إلا في حال إعطاء الحكومة "إبرة مورفين" للأهالي وأخرى تحرّك القضية.

 

"الحكومة عم تضحك علينا"، بهذه العبارة يختصر علي طالب، شقيق العسكري المخطوف محمد طالب، المشهد. يدعّم عبارته بالقول إن الحكومة "لا تعمل بشكلٍ جديٍّ على الملفّ، على عكس ما كنا قد بُلّغنا به منذ مدّة".

 

كما باقي الأهالي، لا يستخدم طالب لغة التهدئة. يلوّح بالتّصعيد ويمهل الحكومة "مدة 48 ساعة للعودة والعمل على الملف بشكلٍ جديّ، وإلا سنغلق المزيد من الطرقات كالصيفي وشارع الأسواق". لن تتعرّض هذه الأماكن فقط للإغلاق، فقد تحوز "ضهر البيدر" أيضاً على نصيبٍ من الغضب.. أما "إذا قُتل العسكريون، فسيخرب لبنان".

 

وحدها "إبرة المورفين" من شأنها أن تهدّئ الأجواء الغاضبة، يشرحها طالب بأنها "جرعة الأمل الصادق التي يمكن للحكومة أن تعطيها لنا وترينا أنها تعمل جديا على خط التفاوض".

 

إطمئنانٌ لافت لجهة التهديدات أظهره الساسة والمسؤولون. وكما قلل وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس الأول من أهمية تهديدات "النصرة"، كذلك فعل وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس الذي أشار إلى أنه "لسنا متخوفين من رد فعلهم الآن. هناك تخوف دائم"، مردفاً التطمين بدعاء "نأمل من الله أن تمر الأمور على خير". كما يؤكد تضامنه الشديد مع الأهالي «لا ألومهم بل مستعد لإرسال الخيم إليهم".

 

تتعارض المعلومات المتوافرة لدى كلّ من الحكومة والأهالي في ما خصّ تقدّم ملفّ المفاوضات، ففي حين أكد درباس أن "المفاوضات حاليا قائمة بين الطرفين وباتت في مرحلة عميقة ومتقدمة"، أشار المختار طلال طالب، باسم الأهالي، إلى أن "مرجعاً أمنياً كبيراً أبلغنا أن الملفّ لا يزال يراوح مكانه، ولم يتحرك قيد أنملة منذ 23 كانون الأول".

 

لم يمنع هذا الجو السلبي المسيطر على الملفّ من إكمال الأهالي جولاتهم على القيادات الروحية والسياسية في البلاد، فقد التقوا نائب رئيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" الشيخ عبد الأمير قبلان وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن. كما دعوا وزير الإعلام رمزي جريج "للوقوف إلى جانبهم كما وقف إلى جانب ضحايا فرنسا". يقول طالب: "هؤلاء الضحايا عالم.. بني آدمين.. أما أولادنا فلا؟!".

 

(زينب سرور )