يمكنني أن أتخيّل الآتي:

  بدل القصر الرئاسي السوري، المتخم بالحياة الوثيرة، الرخية والدافئة، ماذا لو كان الرئيس السوري بشّار الأسد، فارّاً، متشرّداً، لاجئاً، في أحد مخيّمات الذلّ والصقيع، يعاني ما يعانيه شعبه، وقد صنع به ما لا يصنعه عدوٌّ بعدوّه؟  

يمكنني أيضاً أن أتخيّل الآتي:    

 

  بدل القصر السرّي، الافتراضي، الذي يقيم فيه الخليفة أبو بكر البغدادي، في سوريا أو العراق، ماذا لو كان الرجل الذي يدعو إلى قيام دولة الخلافة الإسلامية، مختبئاً الآن في خراب الأمكنة، السورية – العراقية، وبين جثث مريديه وضحاياه، وفوق ركام الدماء المغمسة بأوجاع الثلوج ومهانات الصقيع، شأنه شأن الذين "يؤمن" بأنه دينه يسمح له بأن يجعلهم يعاينون المصير الكارثي المفجع الذي يعانونه؟

صورتان متخيَّلتان بالطبع. ليت كلاًّ منهما، تعبر في ذهن المجتمع الدولي الحقير، وفي ذهن العدالة الدولية الداعرة، قبل أن تعبر في مرايا هذين الرجلَين المطمئنَّين إلى أقدارهما ومصائرهما، وهما ينظران إلى فعائلهما الماضية والحاضرة والمستقبلة، ويتأملان في أحوال شعبيهما!

لو كان ثمة عدالة، فأقلّ ما فيها أن يلقى الرجلان هذان، مصيراً متخَيَّلاً، كهذا المصير. قبل أن يواجها المحاكمة التي لا بدّ أن يتمكن شعباهما من إجرائها، في أحد الأيام.

  وإذا كانت العدالة التي يفبركها القتلة، والآلهة القتلة، في كل مكانٍ من هذا العالم، لا يمكنها أن تفسح المكان لحلٍّ - مصيرٍ احتماليّ كهذا، فإن من حقّ الشعبين السوري والعراقي، أن يحلما بمحاكماتٍ متخيّلة "بيضاء" كهذه، من شأنها أن تعزّز ثقتهما بالأمل والكرامة والثورة والحرية. سلامي إلى الشعبين السوري والعراقي.   الكاتب: عقل العويط