الحديث عن إدانة الهجوم الإجرامي الدامي على صحيفة شارلي إيبدو، حديث عن بديهية لا ينكرها من عنده ذرة ضمير وكان لافتا تصريحات الكثير من الإسلاميين المتشددين، بإدانة هذا الهجوم، وتأكيدهم على عدم أن الإسائة للنبي محمد (ص) لن يبرر ارتكاب هذا الهجوم. 

كما لفت انتباه مواقع أوربية أن في إيران أدان إمام جمعة طهران، رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي، هذا الهجوم بشدة معبراً عن الضحايا بأنهم كانوا أبرياء، وأن الإسلام لا يسمح بقتل الأبرياء، سواء في باريس أو في سوريا أو العراق أو اليمن، أو أي مكان آخر. ولكنه تابع بإلقاء اللائمة على الأوربيين واعتبرهم مساندي الإرهابين وداعميهم، قائلاً: إنكم ربيتم هذه الأفاعى والعقارب والدواب في أحضانكم.

وهكذا يعتبر إمام جمعة طهران أن الغرب، هو أيضاً مسؤول بعض الشيئ تجاه هكذا جرائم.

إن وقفة تأملية عابرة تكفي للانتباه إلى أن دعم العنف والتطرف ليس لمصلحة أي طرف في المجتمع الدولي، وأن جميع الذين يساندون ويدعمون الإرهابيين والمتطرفين، مهددون من قبلهم، وأن السحر في هذا المجال حكماً يغلب على الساحر آجلاً أم عاجلاً. 

ومنذ عسكرة المعارضة السورية، وصعود التكفيريين في الأراضي السورية، حذّر المسؤولون الإيرانيون، الآخرين من مغبة دعمهم للإرهابيين التكفيريين، وأنهم سوف يستهدفون الغربيين في عقر دارهم، ولكن الغرب لم يصغ لتلك النصائح ولم يكترث لتلك التحذيرات، لأنه كان يعيش في سكر انتصاراته المتتالية ويعتبر أن سوريا ستلتحق بمنظومة ثورات الربيع العربي.

وللأسف يختار الغربيون أسهل الطرق في الرد على هكذا اعتداءات، وهو عبارة عن تضخيم خطر التطرف الإسلامي والأيديولوجية الإسلامية أو الهجوم إلى المساجد في المدن الأوربية، بينما هناك اعتداءات مشابهة من قبل المسيحيين في الغرب أو اليهود في الفلسطين المحتلة، أو البوذيين في ميانمار، على سبيل المثال، وفي أي من تلك الأحداث، لم يوجه التهمة للتطرف المسيحي أو اليهودي أو البوذي.

يبدو أن براغماتية الغرب، أوصلته إلى تجاوز المعايير الاخلاقية، وحتى المعايير الديمقراطية. فإنه يلتجأ إلى الإرهابيين ويدعمهم حيثما يتطلب مشاريعه في إحلال الديمقراطية في المنطقة، وفق ما يدعي.

الغرب يريد تشغيل الإرهاب والإرهابيين في الشرق الأوسط كيلا يصل النار إلى بيته، ويدفع العرب والمسلمون فواتير هذه الحروب بدمائهم وأموالهم وتشريد أهلهم وها هو الآن يجد الإرهابيين تجت جلده. لا شك في أن الغرب ليس صادقاً إلا مع إسرائيل، وكل ادعاءاته في دعم مسار الديموقراطية، كاذبة وزائفة. فهل من المعقول أن تستعين بجماعات إرهابية وتكفيرية أو بأنظمة مستبدة، من أجل القضاء على نظام استبدادي آخر؟

هذا الكلام، لا يخفف من مسؤولية الأنظمة السياسية المستبدة التي صنعت ليلاً طويلاً للشعوب المسلمة، وجعلت من أمة محمد (ص) أكثر شعوب العالم، حرماناً من الكرامة والحرية.