يقول الرئيس حسن روحاني إن آلية الاحتكام إلى الشعب عبر الاستفتاء العام لحسم القضايا المصيرية، آلية دستورية ينبغي اللجوء إليه، ولو لمرة واحدة بعد 36 عاماً من عمر النظام. 

وفي نفس الخطاب، اضاف روحاني، بأن مثلنا ليست معلقة بأجهزة الطرد المركزي، بل إنها عالقة بقلوبنا وأدمغتنا وإرادتنا، مهددا معارضيه بأنه لن يتردد في عرض المشاكل للشعب.

من خلال هاتين الفقرتين من خطاب الرئيس روحاني الذي ألقاه بين نخبة من الاقتصاديين، وتلقى ترحيبهم وتصفيقهاتهم المتكررة،- خاصة عند ما أطلق روحاني مقولة جديدة في التعبير عن السياسات الاقتصادية للحكومة السابقة، واصفاً إياه بمن يقوم بالتداوي الذاتي لعلاج الأمراض الاقتصادية الصعبة من دون الرجوع إلى حكماء الاقتصاديين!- يمكن القول بأن روحاني يستعد لمعركة الاتفاقية النووية بجبهتيه الداخلية والخارجية.

والمشاكل التي يواجهها حكومة روحاني في المفاوضات، معروفة عند الجميع، حيث إن فريق الدول الست الكبرى يريد الحصول على أكبر قدر من المكاسب، وفرض شروطه للتضييق على إيران في أنشطتها النووية.

أما في الداخل، فإن روحاني يواجه مشاكل لا تقل عن مشاكله مع الدول الست، مع فارق، وهو أن مطالب الدول الست، يتم التعبير عنها بشكل صريح وواضح، وأما المحافظون المتشددون في الداخل، يُظهرون وكأنهم لن يُرضيهم الإتفاق الذي يكلف إيران، تنازلات في المشاريع النووية ولكن الحقيقة هي أن هناك فئات منهم يستفيدون من استمرار العقوبات التي تنعش أنشطتهم الاقتصادية السرية. فضلاً عن أنهم لا يعجبهم خروج البلد عن العقوبات، بيد الرئيس روحاني، لأن الوصول إلى اتفاق معقول، يعطيه مكسباً، يفيده في المعارك الانتخابية المقبلة، وهذا يعني فيما يعني تبخر ما تبقى من كيان المحافظين.

ففي هذه الأجواء، لم يبق للمحافظين، مهرب إلا التموضع خلف شعار المقاومة أمام الاستكبار العالمي في المفاوضات النووية وعدم التنازل عن الحقوق النووية، ولكنهم في النهاية هم يفضلون اتفاقاً سيئاً على اتفاق جيد، حتى يرفعوه كقميص عثمان، ويلقوا باللائمة على روحاني.

وسط هذه الأجواء يريد الرئيس روحاني أن يحتكم إلى الجمهور للتقدم في المفاوضات النووية ونزع الذرائع من المحافظين المتشددين، ولكن المرشد الأعلى طالب من الحكومة التجنب من الإستفزاز. وعليه يمكن القول بان الإحتكام إلى الشعب في المفاوضات النووية، حلم لن يتحقق، ويبقى الرئيس روحاني مجردا عن هذا السلاح.