لم تكن الإجراءات التي أقرها الأمن العام اللبناني تجاه الرعايا السوريين الراغبين بالدخول الى لبنان وليدة اللحظة او نتيجة اجتهاد متسرع بل من المفترض أنها جاءت بعد دراسات ومشاورات عديدة فرضتها الفوضى العارمة التي بدأت مع الأحداث المؤسفة في سوريا وحركة النزوح الكثيفة التي رافت هذه الأحداث والتي ما زالت مستمرة حتى اليوم وقد أدى ذلك إلى تجاوزات وتداعيات اجتماعية وامنية خطيرة من ضمنها دخول مجموعات كبيرة من الجماعات الإرهابية المسلحة التي عاثت بلبنان بعد دخولها فسادا وخرابا وهذا ما أشارت إليه واكدته كافة الأجهزة الامنية اللبنانية.
وتأتي هذه الاجراءات ضمن خطة اعتمدتها القوى الامنية للحد من الاعمال الارهابية التي استهدفت لبنان الذي ما زال حتى اليوم في دائرة هذا الخطر .
ولم تأت هذه الإجراءات إلا في سياق تشديد الرقابة الأمنية بعد أن أصبح لبنان الدولة الأكثر تضررا من حركة النزوح السوري إليه على المستويات الأمنية والاجتماعية و الاقتصادية خصوصا وان وعود المساعدات العربية والدولية فيما خصّ هذا الملف لم تنفذ وبقيت حبرا على ورق ولم يعد لدى لبنان من خيارات إلا ضبط الحدود أكثر والحد من الدخول العشوائي إلى الأراضي اللبنانية .
وتشير مصادر معنية بالموضوع ان هذه الإجراءات لا تستهدف المواطن السوري بشكل مباشر إلا أنها تسعد على ضبط حركة الدخول العشوائي إلى لبنان والتدقيق أكثر في أسباب الدخول ودواعيه وذلك بعد تسجيل عدد كبير من حالات دخول لمجموعات ارهابية مسلحة جعلت من لبنان مسرحا لعمليات ارهابية عدة وهي ما زالت تهدد السلامة العامة في لبنان  .
ومع بداية تطبيق هذه الإجراءات سجلت ملاحظات عدة كونها المرة الاولى في تاريخ العلاقة بين البلدين التي يتم اللجوء فيها إلى مثل هذه الإجراءات .
وفي هذا السياق قال مصدر في الامن العام لصحيفة السفير  :
أنّ اليوم الأول من البدء بالإجراءات التنظيمية حمل الكثير من العقبات ومن الطبيعي ان يكون هناك عدة ملاحظات وأخطاء في اليوم الأوّل، مشدّداً في الوقت عينه على «المضيّ بهذه الإجراءات وتحسين تطبيقها من دون إلحاق الظلم بأحد، فالجميع في لبنان يريد قوننة الدخول السوري»، وحرص على القول إن الحدود اللبنانية «لم ولن تقفل بوجه «الأخوان السوريين».. لكن هناك اجراءات صار واجبا عليهم الالتزام بها».
واشتكى عدد من المواطنين السوريين من الإجراءات الجديدة المعقّدة وغياب الرؤية الواضحة لكيفية تطبيقها. فيما رأى آخرون أن هذه الإجراءات أفضل من تلك التي كانت متّبعة في السابق والمهم أن تطبق وأن تستمر، معتبرين أنّ الأمر بحاجة إلى المزيد من الوقت حتى يتمّ تنظيم الوضع وحلّ مسألة الازدحام.
وشكل اليوم الاول من تطبيق هذه الإجراءات من حالة إرباك ليس على المواطنين السوريين فحسب بل ايضا على مستوى ضباط الامن العام وعناصره حيث بدا الارتباك واضحا خلال تطبيق الاجراءات الجديدة وكان من الصعب التعامل مع حالات كثيرة صادفها الضباط والعناصر لأول مرة خلال عملهم ولم يعرفوا كيفية التعامل معها مثل التعامل مع عائلات سوريّة منعت من الدخول بالرغم من أنّها تودع اموالها في مصارف لبنانية في شتورة او تملك عقارات (شقق سكنية ومؤسسات) في شتورة وكذلك الأمر عند حاملي الصفة الديبلوماسية.
وفي هذا السياق يشير أحد الديبلوماسيين السوريين لصحيفة السفير إلى أنّه مُنع من دخول لبنان حتّى بعد أن أبرز بطاقته الديبلوماسية الصادرة عن مجلس الوحدة الاقتصادية العربية (مجلس يتبع لجامعة الدول العربية). ولكنّ العناصر المولجة بالإجراءات رفضت ادخاله بجواز سفره، وتم تسجيل دخوله على بطاقة جديدة باشر الامن العام بتوزيعها على السوريين الداخلين، مصنفاً سبب دخوله الى لبنان في إطار زيارة عمل الى احد المصارف اللبنانية في شتورة.
ويلفت الديبلوماسي الانتباه إلى أنّه اعتاد منذ سنوات الدخول الى لبنان عبر جواز سفره الديبلوماسي، وهذه أول مرة يتم اعتراضه في ضوء الاجراءات الجديدة.
ومن جهته دافع وزير الداخلية نهاد المشنوق عن هذه الإجراءات التي وصفها بأنها للتعامل مع ملف النزوح السوري، وقال: «مع الوقت سيتبين أنها إجراءات جدية ستحقق انخفاضاً في الوجود السوري غير المبرر في لبنان»، معتبراً أنه «ليس هناك قدرة للبنان لاستقبال المزيد من النازحين»، وأوضح ان «هذا ليس إغلاقا للحدود (مع سوريا) اولا، الباب مفتوح للذي لديه مبرر للزيارة او للعمل او للطبابة او للتعليم، فإذا كانت الوثائق تؤكد هذه الأسباب.. فالباب مفتوح وليس مغلقاً».
ورداً على سؤال، قال المشنوق إن «الإرهابيين والمسلحين ليسوا بحاجة الى فيزا، ولا أعتقد انهم يمرون عبر الحدود»، مشدداً على ان «مواجهة الإرهاب تحتاج الى شجاعة بطبيعة الحال، لأنهم يستخدمون شعارات دينية تحتاج الى شجاعة فقهية».