بدأت حوارات حزب الله – تيّار المستقبل أولى جلساتها تمهيداً لتظهير صورة طائفية متقاربة ومتجانسة من حيث الشكل من شأنها المساهمة في دفن الفتنة التي أوقدوها جرّاء خلافات في ملفات كثيرة .

لا يملك المتحاورون أوراق اللعبة المطلوبة لتصحيح الواقع اللبناني وببعديه الطائفي والسياسي لكنهم يملكون رصيداً يمكن أن يُصرف  في ما تبقى منه لصالح الهُدنة المؤقتة بين تيّاريّن تمتلكهما روح العداوة أكثر مما تجتبيهما روح الصداقة رغم قدرتهما الباهرة على تناسي خصومة وصلت الى حدّي العمالة والتكفير .

من هنا ثمّة رهان جديد على حوار مستهلك في لبنان بين سياسيين لانضاج تسوية تلبي شروط المرحلة ولا تؤسس لعلاقة طبيعية بين جهات تتنافس لخدمة البلد لا لتدمير ماتبقى فيه من أنسان يحلم بغد أفضل لأن منطق القبول والاعتراف بالآخر غير متوفر في الذهنيّة الحزبية وهو يقوم بوظيفة التعطيل المستمر لأي مبادرة جديّة تنقذ لبنان مما يجري في المنطقة من حرب " بسوس " جديدة .

بالأمس كانت طاولة بعبدا مساحة لوضع الخلافات والتخلص منها بمزيد من الوعيّ في النتائج وسرعان ما تمّ الانقلاب على خُلاصات الطاولة وتحوّلت الى مادة سجالية حادّة بين المتحاورين الذين توافدوا اليها آملاً منهم بحل ينظم خلافاتهم في دائرة من التفاهم المسؤول .

لقد عكست نتائج اجتماعات بعبدا خلافات اصطدامية مابين حزب الله والرئيس ميشال سليمان أيّ أنها وبدلاً من أن تُتيح حُلولاً قدّ كرّست اختلافات جوهرية مازالت قائمة حتى الآن بين الأطراف المشاركة في الحوار والتي توصلت الى أعلان بعبدا واعتبرته بمثابة حرب مفتوحة على الخلافات اللبنانية – اللبنانية لا كبيان وطني ومرجع قانوني يُستند الى مدلولاته في ادارة العملية السياسية .

في تقليص طاولة الحوار واختزالها  برُكنيّ 8 و14 آذار تنشيط لمساهمات جانبية ترعى مصالح الطرفين المتحاورين تلبية لدعوات خارجية أو استناداً لمصالح داخلية واستدعاء لولادة حوار آخر بين تيّارات أخرى كدعوات فئوية مُضرة بالمشروع الوطني الذي فتته الطوائف وألغته أحزابها من الحسابات سواء في السلطة أو في المجتمع .

لم يعد مستبعداً قيام حوار مسيحي – مسيحي وماروني – ماروني تحت خيمة أصغر من طائفة وبحجم زعامة باتت دولة مسيطرة على الشبكات العامة والخاصة في لبنان .

ثمّة تحضيرات قويّة للقاء عون – جعجع على قاعدة التجديد للجبهة اللبنانية لتحسين شروط المسيحيين في لبنان بعد ضياعهم داخل الحسابات السُنيّة والشيعيّة في ظل قُداس مسيحي مفتوح على أجراس الحزن في سورية والعراق ولبنان وهو يستدعي البدء بمشروع مسيحي يحمي المسيحيين من حروب المنطقة .

لا نعوّل كثيراً على الصفّ المحاور في حزب الله وتيّار المستقبل ولكن ننظر باهتمام بالغ الى صحوة المصالح الايرانية – السعودية على ضؤ الدولة الاسلامية في العراق والشام والتي فرضت واقعاً جديداً حوّل الحرام الايراني الى حلال سعودي سيلغي بينهم كل فتاوى التكفير والعمالة من اليمن الى لبنان .