أطل رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، مع الزميل جورج صليبي عبر شاشة "الجديد" مساء الاحد، ليقول ردا على سؤال عن امكان قيام اتفاق رباعي رئاسي ما بين "المستقبل" و"حزب الله" و"أمل" والاشتراكي، انها لن تكون المرة الاولى التي يقاوم فيها وحيدا، وكأنه بدأ يتهيأ لما هو اسوأ، رغم تكرار الحزب تبني ترشيحه الى رئاسة الجمهورية في غير مناسبة وموقع.

واذ تمنى عون "ان يكون اللعب بأوراق مكشوفة على الطاولة"، في تعبير ضمني عن "تخوفه" من الحوار الثنائي القائم في عين التينة وبمباركة من النائب وليد جنبلاط، قال: "لن نكرر تجربة "صانع الملوك"، فالمؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين"، وهو ما تجهد أكثر من جهة لإقناعه به، اذ يرى فيها ان مجرد قبوله بالفكرة، يطيح حظوظه ويجعله لاعبا كغيره، في الملعب الذي يعتبر ان له فيه حصة كبرى، وهو رئيس اكبر تكتل نيابي مسيحي، وان كان لا يضم اكثرية النواب المسيحيين.
واذا كان عون بدا قلقا، غير مرتاح الى مسار الامور، فان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع لا يبدو في احسن حال. واذا كان البعض يفسر حركته الحوارية في اتجاه عون، بانها مناورة لإقناع الاخير بالقبول بمرشح ثالث، لإخراجه من اللعبة، فإن "الحكيم" بما له من حكمة يدرك جيدا ايضا انه يؤكل متى أكل الثور الابيض، لان التجارب السابقة خير دليل، ولان مصالح الدول التي تحرك الفريقين المسلمين، السني والشيعي، لا تحسب حساباً واضحاً لمصالح الطرفين اللذين يدينان لها بالولاء، فكيف تنظر الى مصالح "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية"؟. ولا يؤشر الامر الى ضعف المسيحيين كما يحلو للبعض ان يقول ويخطط لوراثتهم احياء، لكنه يؤشر حتما الى تراجع المجموعات اللبنانية جميعها، دورا وقيمة، وتحولها ادوات في مهب الرياح العاتية التي تحوطنا من كل صوب، ولا يظنّن احد ان "حزب الله"، القوي حتما، قرر وحيدا التضحية بمقاتليه في سوريا، رغم كل حملات التبرير التي تطلق من منابره.
واذا كان المطلوب البحث عن مرشح ثالث، او لنقل خامساً، بعد اقصاء "الزعماء الموارنة" الاربعة، فيجب وضع آلية تقود الى الاختيار الحقيقي، وفق مواصفات محددة ومعايير واضحة تأخذ في الاعتبار ارجحية الصوت المسيحي، والتعبير عن آراء المسيحيين، وينال بركة بكركي، وموافقة العماد عون، بما له من ثقل مسيحي، واذا كانت الموافقة مشتركة باتفاق ما بين عون وجعجع، وربما آخرين، يكون الخيار الافضل، وعلى الآخرين تزكية الاسم مباشرة، لان الرئيس هو رئيس كل اللبنانيين، لكنه حصة المسيحيين في السلطة ويجب احترام رأيهم في هذا الخيار. واذا كان مطلوباً سحب عون من المعركة فإن سحقه يجب أن يكون خطاً أحمر.