ظنّ الكتائبيون أن الفرصة مؤاتية لاسترداد الملك الضائع ولاغتنام لحظة تاريخية يحتاج فيها المعنيّون من حزب الله و تيّارالمستقبل الى مخرج لائق ينقذهم من مرشحيّن لا طائلة لأحد بهما لأنهما من الصقور الضاربة ودماء اللبنانيين لم تجفّ بعد من جرّاء حروبهم الدامية سواء داخل المجتمع المسيحي أو داخل الساحة اللبنانية والتي لم تنسى حتى الآن مدافع عون ولا مجازر جعجع .

خبُرالكتائبيون السلطة في الدولة والمجتمع لذا هم الأقدر على متابعة الدور الريادي التمثيلي للمسيحيين خصوصاً وللبنانيين عموماً فكانت زيارة الرئيس أمين الجميل للجنوب و المرحب بها من قبل الثُنائيين الشيعيين أمل وحزب الله زيارة منتهزة للحظة السياسية الضائعة بين الرابية ومعراب وللأجواء التفاؤلية المُثارة من قبل قطبيّ 8و14آذار والمُغرية لبذل أفضل جهد سياسي لتحصيل رضا حزب الله على الكتائب كمؤسسسة معتدلة ومسامحة في دماء العائلة وعلى رئيسها الذي يمثل تجربة رئاسية مقبولة للجميع مقارنة مع جنرال وافد على السياسة وحكيم متمسك بالمقاومة حتى آشعار آخر .

فتح حزب الله ذراعيه الناعمتين لاستقبال الجميل وأقامت أمل احتفاءًا خاصاً برئيس هو صديق شخصي لرئيسها ومحور تجربة شحضية كانت ناجحة بين الجميل وبري ويبدو أن الاستاذ مائل الى رئاسة الأمين على بعبدا لأنه أهون الشرور الأخرى فلا الكيمياء الشخصية جمعته مع عون البعيد عن القلب والعقل ولا مواقف حزب الله التحذيرية تسمح له بتقريب الصداقة القائمة مع جعجع الى حدّ الوصول بها الى رئاسة مستحيلة .

تعاطى المسيحيّون الجنوبيون مع زيارة الرئيس أمين الجميل كرئيس للبلاد وليس كقائد لحزب أو كممثل لطائفة وكانت حفاوتهم تتسم بالتطلع الى الكرسي الشاغرة في قصر بعبدا وضرورة النهوض مسيحيّاً من كبوة الخسائر التي مُنيّ بها المشروع الماروني منذ الحرب الأهلية وحتى انسحاب اسرائيل من لبنان والعمل على اعطاء الفرص الجديدة لمسيحية شريكة في انتاج لبنان وفق مُعطى جديد لا يجعل من المسيحيين طوائف مستلحقة بالطائفتين الاسلاميتين الكبيرتين أو العودة بهم الى المشروع الماروني والذي أدّى بهم الى ما هم عليه من هزائم كما يحلم ميشال عون أو كما يتمنى سمير جعجع .

فاجأ الرئيس أمين الجميل البعض عندما مدح سلاحاً كان يحمله مسؤولية سقوط الدولة ولم يثار الكثيرون من تصريحات الرئيس الانتخابية في الجنوب المحاصر بنار التحرير فاللعبة مفتوحة على تصريحات نقيضة من هنا وهناك لأن معايير الحوار اللبناني -اللبناني قائمة على الكذب المشروع  للبدء بخطوة تحسين الشروط بين المتخاصمين بغية الوصول الى تقاطعات تُفضي الى نتائج جيدة تحتاجها الأطراف المغلوب على أمرها في منطقة تُمسك بها مخاطر الدولة الاسلامية القائمة والقادمة الى أقاليم أخرى قدّ يكون لبنان احدى مساحاتها الخصبة .