نجح الجميع في مهمّة تحرير الأسرى من العدو الاسرائيلي وأقيم استقبال شرف للشرفاء ممن أعتقلهم العدو وأقيمت الأعراس والأفراح وشهد لبنان حدثاً تاريخيّاً مجيداً أضيف الى سجل الاستقلال المفتوح على أحداث جسام. وأفتخر اللبنانيّون بتوصل المفاوضين مع العدو الى النتيجة التي توصلوا اليها من خلال مقايضة عادلة أعطت ولبت شروط الجهتين المعنيّتين بصفقة الأسرى والتبادل ما بين العدو من جهة ومعادلة السلطة في لبنان من جهة ثانية .

آنذاك لم نسمع من يتحدث عن حُرُم التفاوض مع عدو شرعي وتاريخي وقانوني أو عن استحالة تلبية شروط العدو أو مدّ يدّ التفاوض مع عدو آكل من لحمنا ومن لحم العرب منذ أكثر من ستين عاماً وساهم ويساهم في ابقاء نار الحروب مشتعلة وسط مستقبلنا بعد أن هدّمت ماضينا وحاضرنا .

ما دفعنا لاسترجاع لحظة  من تاريخنا الوطني هو ما آلت اليه النتائج في ملف الأسرى العسكريين الذين يذبحون يوميّاً وبدم بارد من قبل عصابة مجرمة تُذكّرنا بجرائم الهاغانا في فلسطين وما تل التفاوض الكاذب من ذبح لمقاومين من جيش الواجب الوطني .

لم نسمع من الحكومة المسؤولة سوى تعقيدات تحاصر ملف العسكريين ولا جرأة لرئيس أو وزير في المكاشفة والمصارحة الصحيحة لصحّة الخلل وأسبابه في التفاوض والشروط مع النُصرة السورية .ولم نسمع جمهرة من يحتلون الساحات من جمهور 8 و14 آذار أو تفاعلاً شعبياً لشعب لا ينزل الساحات الا بناءً لأوامر الأسياد من أهل سلطة الطوائف وحدهم عائلات الجنود والعسكريين افترشوا ساحات الصمت الطائفي وبدل التفاهم معهم على عمل مجد تمّ تفريقهم بالقمع ولم يتحرك أحد من غيارى المعادلة الوطنيّة لم نسمع ما كنا نسمعه عندما تُهان سورية في لبنان أو عندما يُهان فريق 14آذار .

للأسف لا الحكومة حاضرة ولا الشعب حاضر ولا المقاومة حاضرة في ملف وطني كبير يطال شباب من طبقات فقيرة لا حول لهم ولا قوّة أمام سفاحين ومجرمين الاّ التوصل معهم الى مقايضة عادلة كما تمّ التواصل مع العدو الى تفاهمات ونتائج وحلول في السلم والحرب .

ان ما تبقى من جنود في الأسر هم برسم من يتصدر المشهد السياسي في لبنان ولا نؤمن بخرافة الشروط المعجزة والتي تتبجح بها وسائل أعلام تتغذى على البغض المذهبي والشحن الطائفي ولا نؤمن باستحالة الحلول مع مجموعة نائمة في كهف بين لبنان وسورية  طالما أن هناك شروط ولا شرط فوق رقبة لبناني تنتظر سكين جزّار نساعده على القتل بوقوفنا عاجزين عن اتخاذ مواقف جريئة تشعر اللبنانيين بغلو الانساني اللبناني لا برخصه كما هو حال  الانسان العربي .

سؤال أخير:  لنتصور حال الملف لو كان الأسرى من أبناء زعماء الطوائف والأحزاب أو من هم أدنى من ذلك من جماعة وحواشي المال والسلطان فهل تكون النتيجة ذاتها ؟ أنا متيقن من ذلك وأنتم هل في شكّ من ذلك ؟