الشهيد على البزال هو الضحية الرابعة في مسلسل مأساة العسكريين اللبنانيين الاسرى على ايدي الارهابيين، والمحزن المبكي في هذا المجال هو المصير المنتظروالمتوقع لباقي رفاقه، والذي لن يكون بأفضل مما وصل اليه الحال مع الشهداء قبله محمد حمية وعباس مدلج وعلي السيد طالما ان الأداء السيء للحكومة لم يتغير ولم يتبدل .
الفشل الحكومي في مقاربة هكذا ملف ليس بالامر المستغرب او المستهجن، وعنوان الفشل والاخفاق ليسا بالامر الغير متوقع، عند هذه الحكومة او غيرها من الحكومات اللبنانية فأي مراقب يعرف الحد الأدنى لطريقة تشكيل الحكومات في لبنان وعن حجم التجاذبات السياسية والخلافات الافقية والعمودية والطائفية والمذهبية والمناطقية والحزبية وغيرها الكثير الكثير التي تسبق التشكيل وتستمر بعد التشكيل وتدخل معها الى داخل قصر الحكومة وتكون حاضرة دوما (الخلافات) كل الجلسات وبين كلمات كل القرارات والقوانيين المتخذة،
وامام واقع الحال هذا فمن غير الممكن ان ننتظر من حكومة تمام سلام او أي حكومة أخرى، غير هذا التخبط وهذا "التعفيس" الذي كنا ولا نزال نراه بملفات اقل بكثير وبما لا يقاس من حيث الحساسية والدقة والاهمية من ملف العسكريين، فكيف بك بموضوع يحتاج الى اعلى درجات التنسيق والوطنية والمسؤولية وابعاده عن أي حساسيات وحسابات واستثمارات سياسية، وهذا كله غير متوفر طبعا
مما يعني وبصراحة تامة ان أزمة العسكريين تكمن أولا انهم اسرى هذا النظام السياسي بكل تشعباته وليسوا اسرى الإرهابيين فقط ، واكاد أقول ان تحرير الجنود من ايدي الإرهابيين كان ليكون بغاية السهولة والبساطة حتى انه لا يحتاج الى كثير جهد، لان الإرهابيين انما اسروا هؤلاء الجنود لا ليقتلونهم وانما لمطالب لهم يمكن التفاوض عليها ببساطة، وهذا ما لم يحصل ولن يحصل قبل تحرير العسكريين من سجنهم الأول الذي هم فيه وفك القيود السياسية التي تكبلهم كمدخل ضروري واجباري لتحريرهم من سجنهم الثاني المتمثل بالارهابيون .
وهذا لن يكون الا عبر وسيلة من وسيلتين لا ثالثة لهما حتى يمكن انقاذهم من تحت السكين، فاما عبر معجزة او عجيبة تنزل على قلوب السياسيين عندنا تجعلهم يتصرفون كرجال دولة ( وهذا بيد الغيب ومستبعد) ، واما ان يصار الى توزيع هؤلاء الجنود المساكين على " دولهم " الحقيقية، وعلى مرجعياتهم الاصلية وسحب الملف نهائيا من يد هذه الحكومة المسخ ، ليكون الجنود الشيعة مسؤولية نبيه بري وحسن نصرالله، والجنود الدروز مع وليد جنبلاط ، وكذلك المسيحيين مع مرجعياتهم، وكل طرف من هذه الأطراف يسلك الطريقة المناسبة للافراج عن اسراه بدون أي حرج يشكله الان ابقائهم ضمن ملف واحد.
هكذا فقط يمكن تحريرهم من ايدي الإرهابيين لانه حينئذ سنكتشف ان هؤلاء الإرهابيين الوحوش هم اهون السجانَين .