الحياة السياسية الطبيعية التي يتوهم اللبنانيون انهم يعيشونها , او انهم لا زالوا يأملون بها مستقبلا فانها تتضاءل او تتلاشى امام التطورات الدراماتيكية التي تعصف بالبلد وفي ظل الاحداث الخطيرة المتنقلة على كافة الاراضي اللبنانية

. فهذه التطورات والاحداث تتسابق مع معطيات جديدة لاحت على الساحة السياسية الداخلية محورها تذليل العقبات امام حوار يجري الاعداد له بين حزب الله

وتيار المستقبل يساهم في تخفيف حدة الاحتقان المذهبي السني ـ الشيعي وقد يؤدي الى التوافق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية .

فالى محنة العسكريين المخطوفين على ايدي مسلحي داعش وجبهة النصرة والضغوط التي يتعرض لها الاهالي وحولتهم الى رهائن لمتطلبات الجماعات الارهابية التعجيزية , والى تعرض دورية للجيش اللبناني في جرود بلدة رأس بعلبك الى كمين مسلح ادى الى استشهاد ستة جنود بينهم ضابط وجرج آخر وتلى ذلك في اليوم التالي استشهاد خبير عسكري بتفكيك المتفجرات وجرح ثلاثة جنود آخرين اثناء قيامهم بتفكيك عبوة تم تفجيرها عن بعد من قبل ارهابيين كانوا قد زرعوها , وما بينهما من معلومات عن قيام قوى امنية لبنانية باعتقال احدى زوجات ابو بكر البغدادي وكذلك اعتقال زوجة احد مسؤولي جبهة النصرة

. كل هذه الاحداث الامنية والعسكرية تتلاحق في ظل وضع سياسي مأزوم يفتقد الى الحد الادنى من مقومات التماسك بين افرقاء الصراع على الساحة الداخلية اللبنانية باستثناء محاولات خجولة من رئيس تيار المستقبل الشيخ سعد الحريري وقبله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالدعوة الى فتح باب للحوار للتوافق والتفاهم لايجاد حلول لجملة من الازمات والمشاكل العالقة واهمها انهاء مسألة الفراغ الرئاسي .

الا ان الواقع السياسي اللبناني المرتيط بالواقع الاقليمي المتشابك في كثير من الملفات مع الواقع الدولي وخصوصا الملف النووي الايراني ودور كل دولة من الدول الفاعلة في الشرق الاوسط / اسرائيل ـ ايران ـ تركيا / في صياغة الحلول والتسويات التي يجري ترتيبها للمنطقة العربية , يجعل من لبنان ساحة مفتوحة لترديد صدى النزاعات والخلافات والحروب العربية , وتغدو الشعارات الوطنية الكبيرة / الحرية ــ والسيادة ــ والاستقلال / آمال بعيدة المنال , وتحقيق الامن والاستقرار ريشة في مهب العواصف الاقليمية .

واذا كان هناك تفاهم دولي ــ اقليمي على تحييد لبنان عن الصراعات في المنطقة وتظليله بمظلة واقية تحميه من نيران الحروب الملتهبة من حوله , الا انه امام اللبنانيين فترة انتظار لبست قصيرة لتأتي اللحظة المؤآتية لنزع العراقيل التي تحول دون انتخاب رئبس جديد يتولى فتح الملفات المتراكمة والسعي لايجاد الحلول الناجعة لها .