كل هذه الاستعراضات العسكرية السخيفة لا تستحق ان يطلق عليها باراك اوباما عنوان "الحرب على الإرهاب" ولعل من المعيب الحديث عن تحالف من اربعين دولة "بدأ العمليات ضد "داعش"، قبل اربعة اشهر، لتبرز الآن تصريحات مسؤولين سياسيين وعسكريين عراقيين، توحي بأن اوباما سيذهب الى بيته قبل ان يتم الانتصار على "داعش".

  المشكلة في مستوى الفضيحة المدوية في العراق كما في سوريا. ففي البلدين توحي الظروف الميدانية والسياسية والتدخلات الاقليمية والدولية، ان حرب الاستنزاف ستطول والمنطقة غارقة في الانقسامات المذهبية وفي الكراهيات وفي الحسابات الجهوية وكل هذا سيجعل تالياً من التقسيم مخرجاً مغرياً للكثيرين.

عراقياً لا يكشف حيدر العبادي شيئاً عندما يتحدث عن ٥٠ ألف جندي وهمي كانوا وربما لا يزال بعضهم في القوات العراقية، التي فصّلها نوري المالكي على قياس حساباته المذهبية وسياساته الاقصائية، وحديث هوشيار زيباري عن استئصال الفساد الذي جعل العراق لقمة سائغة امام "داعش"، يحتاج الى حرب تطهير لمؤسسات الدولة المنهوبة، تسرّح الجيش الوهمي وتوقف الانفاق على الاسلحة والذخيرة الوهمية وحتى الغذاء الوهمي.

يجب الا يتوقع احد نتائج سحرية في الجيش العراقي يقول زيباري، الأمر سيتطلّب وقتاً ليتمكنوا من القتال، لكن مسخرة المساخر ان الاميركيين الذين يزعق الايرانيون يومياً انهم متآمرون يقفون وراء "داعش"، هم الذين يدرّبون ٨٠ الف جندي عراقي يحتاجون الى سنة على الاقل كي يذهبوا الى الميدان.

كان السؤال دائماً كيف تمكن مقاتلو "داعش" من اجتياح شمال العراق في خلال ٤٨ ساعة في حزيران الماضي ووصلوا الى مداخل بغداد، بينما راح الجيش يفرّ امامهم تاركاً ما يملك من اسلحة اميركية حديثة تقول "داعش" انها تكفيها لسنتين؟ المفجع ليس ان المالكي شكّل جيشاً وهمياً فحسب كما يقول العبادي وزيباري، ولا ان المليارات تبخّرت بل ان البعض يتهمه بأنه أمر الضباط بالانسحاب امام "داعش" بهدف خلق حال من الفوضى تبرر بقاءه رئيساً للحكومة، والمفجع اكثر انه أُعطي منصب نائب للرئيس لحمايته من الملاحقة، ولهذا يبدو كلام العبادي عن محاكمة ضباطه المنسحبين بلا معنى. ا

لأدهى من كل هذا ان الكراهيات التي تتأجج في العراق على أساس مذهبي مؤلم وبغيض، حالت وتحول حتى الآن دون الاتفاق على استراتيجية واحدة لقتال "داعش"، والذين يواجهون التنظيم هم البشمركة والميليشيات الشيعية، فالجيش غائب كقوة اما مقاتلو العشائر السنّية التي سبق ان هزموا "القاعدة" عام ٢٠٠٨، فيشكون من ان الحكومة المركزية لا تقدم لهم الاسلحة الكافية لمواجهة الإرهابيين في الأنبار ومحيطها لأسباب مذهبية!

الحرب تطول والاستنزاف سيتفاقم ليصبح التقسيم مطلباً قومياً... فيا للهول!