مع الازدياد المضطرد لحجم المخاطر التي يتعرض لها لبنان ,ذلك الوطن الصغير ,الا ان الصيغة اللبنانية اثبتت للبنانيين اولا وللعرب عامة انها اقوى بكثير مما يعتقد البعض وانها تختزن من المناعة والحصانة ما يجعلها صامدة بوجه الاعاصير التي تهب على البلد من اي اتجاه اتت .

والزلزال العراقي الذي هز المنطقة بعد ضرب نظام الرئيس صدام حسين وادى الى اختلال كبير في التوازن الاقليمي لمصلحة ايران كان له تداعيات على الساحة الداخلية اللبنانية وكان لبنان ضحية من ضحايا هذا الزلزال.

فبعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي ادى الى انسحاب القوات السورية من لبنان ,فان لبنان انتقل من الوصاية الايرانية ـالسورية الى الوصاية الايرانية ان لم نقل الهيمنة الايرانية .

فحزب الله ملأ الفراغ الذي تركه الانسحاب العسكري السوري من الساحة اللبنانية , والترجمة الواقعية والعملية لهذا التطور هو استبدال الهيمنة السورية بالهيمنة الايرانية من خلال اطلاق يد حزب الله في الاطباق على المفاصل المهمة في البلد والذي يمكن وصفه بانه لواء في الحرس الثوري الايراني ولكن بعناصر لبنانية.

والهيمنة الايرانية بدأت تبرز من خلال لغة جديدة يحاول حزب الله ادخالها على الحياة السياسية اللبنانية ويمارسها عمليا والتي منها الثلث المعطل وثلاثية الجيش والشعب والمقاومة وغيرها ......من المفردات التي لم يألفها اللبنانيون من قبل .

 

الا ان التركيبة اللبنانية بصيغته الطائقية اكدت للعالم اجمع ولأهل المنطقة وللنظام السوري انها ليست بالهشاشة التي يعتقدها الكثيرون من هؤلاء . فلبنان يمتلك فعلا مقومات المقاومة وهي التي منحته قوة مقاومة السلاح الفلسطيني وقاوم الاحتلال الاسرائيلي وقاوم الوصاية السورية وهو اليوم يقاوم المشروع التوسعي الايراني الذي يستهدف تدمير مؤسسات الدولة اللبنانية الواحدة تلو الاخرى وصولا الى تكريس الفراغ الرئاسي .

وان احدا لا يستطيع ان ينكر ان لبنان اليوم يقف على مفترق طرق بعد ازدياد الصعوبات التي يتعرض لها من خلال تدفق مئات الالاف من النازحين السوريين اليه , وكذلك من خلال تورط حزب الله العسكري في الحرب السورية واستجلاب الجماعات الارهابية / تنظيم داعش وجبهة النصرة / على اراضيه ومحاولات تفجير الساحة اللبنانية بالاغتيالات والتفجيرات والسيارات المفخخة والحروب المتنقلة كمعركة عرسال ومعركة طرابلس .

الا ان هذه الضغوط لا تستطيع ان تمحي من الذاكرة مشاهد الفلسطينيين وهم يغادرون لبنان ومشهد القوات السورية وهي تجتاز نقطة الحدود عند المصنع وغيرها من النقاط منسحبة من الاراضي اللبنانية .

واذا كان بامكان الايرانيين مصادرة القرار الشيعي في لبنان كمقدمة لمصادرة قرار البلد فان عليهم ان يدركوا انه ليس من السهولة بمكان الاستخفاف بلبنان لا بمسحييه ولا بمسلميه وان الصيغة الطائفية اللبنانية اقوى وامنع من محاولات اختراقها .