يؤكد مطلعون على مسار التفاوض الامركي الإيراني بان الطرفين قطعا شوطا بعيدا، وباتا غير قلقين على ما تبقى من المهلة المعطات للجانب الإيراني والتي تنتهي في 24 من الشهر الحالي، وان التوقيع النهائي على الاتفاق صار بحكم المنجز

ويذهب هولاء الى اكثر من ذلك للقول بان المترتبات العملية على الاتفاق انما تنفّذ من الجانب الإيراني على قدم وساق حتى قبل التوقيع الرسمي، وصارت أبواب جميع المفاعل النووية الإيرانية مشرعة بشكل كامل امام لجان التفتيش التي تزورها بصورة  تلقائية وبدون مواعيد مسبقة، بل وتعدت دوريات التفتيش الى معظم معامل التسليح بما فيها معامل انتاج الصواريخ البالستية التي كانت تعتبر لوقت قريب ممنوعة عن أي مقاربة بوصفها خارج نطاق جدلية البحث،

فحتى هذه المعامل صارت أبوابها مشرعة وعلى الرحب والسعة وتحت انظار " الحليف " الأميركي كما يحلو لبعض القادة من الحرس الثوري ان يسموا به ما كان يعرف بالشيطان الأكبر،

والجدل الحاصل في ما تبقى من مرحلة ما قبل التوقيع انما هو بحسب الرؤية الامركية يتلخص فقط على الدور السياسي المراد اعطائه للشريك الإيراني الجديد وحجمه ومدى فاعليته بما لا يتضارب مع الشركاء القدامى ويؤمن المصالح الامركية بالمنطقة فقط

وهنا يأتي الدور على حزب الله بوصفه احدى الأوراق الإيرانية التي يجب العمل على إعادة تموضعه بما يخدم التوجه العام بحسب الوظائف الموزعة اميركيا على جميع اللاعبين بالمنطقة،

طبعا هذا لا يعني البتة ان الدور المنوط بالحزب سيكون على حساب حجمه او وجوده الفاعل كما يحلو لبعض خصومه ان يتوهم، لان الإيراني لن يتخلى عن هذا الاستثمار الكبير بهذه البساطة قبل الحديث عن الصفقة الكبرى التي لم يحن موعدها بعد وانما كل المطلوب في المرحلة الحالية هو تحول وظيفي عند الحزب،

وهذا ما نشهد بدايات اهراصاته التي يعمل الحزب نفسه على تبلورها تدريجيا، ومن هنا صرنا نسمع ادبيات وشعارات سياسية تنسجم مع ما هو مرسوم له في القادم من الأيام، وحلت خطابات محاربة التكفير والتكفيريين، والتطرف والمتطرفين فيما غابت ولو بشكل غير كلي ادبيات تتحدث عن محاربة المشروع الامركي, والشرق الأوسط الجديد، وتجمدت عمليا أي نشاط متعلق بالجبهة مع العدو الصهيوني

ويبقى السؤال المطروح على قيادة الحزب عن الاثمان التي يخشى  ان يدفعها الحزب في زمن التحولات هذه، فاذا ما استطاع  حتى الان من الاستدارة المطلوبة منه مع الاحتفاظ بمكانته "الممانعتية" عبر توصيفه البروبوغندي بانه انما يحارب التكفيريين بوصفهم جزء من المؤامرة الامركية، ولا يزال يحتفظ بشي من المقبولية بناءا على دعايته الحزبية هذه، فماذا سيكون موقفه بعد توقيع الاتفاق الامركي الإيراني، وبعد انقضاء زمن المرحلة البرزخية بين الدور الأول كمقاوم والوظيفة الحالية ومحمولاتها المذهبية الصافية, اعتقد ان هذا اكثر ما يرعب حزب الله الان .