ليس في عالم السياسة ما هو ثابت إنْ في العلاقات بين الدول أو انتهاج سياسة العداء المتبادل بين دولتين، فبعد سنوات من القطيعة بين إيران وأميركا عادت لغة الحوار بين الطرفين لتكون إحدى الركائز التي قد تأتي أُكُلها في الأشهر القادمة، وما يقال في العلن من سياسات ومواقف قد لا ينطبق على الواقع، إذ إن الإتصالات من تحت الطاولة إذا صحّ التعبير تكون سارية على قدم وساق بل تكون قد قطعت شوطاً كبيراً إلى الأمام، أما نحن فنجلس نراقب التصريحات التي تخالف هذه المواقف فنخدع بها... إنها السياسة، فن التلاقي والحوار وتأمين المصالح المشتركة، وهذا ما يريده أوباما وإيران في حوارهما من فوق الطاولة ومن تحتها... ونشدِّد هنا على الرسائل السرية او الإتصالات التي لا يكشف عنها في حينه... وهذا ما حصل من خلال رسالة أوباما الى قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي والتي دعا فيها إلى التعاون في مكافحة الإرهاب مقابل تسهيل الإتفاق على الملف النووي الإيراني الذي كانت أميركا قد استعملته فزّاعة بوجه دول الخليج التي هبت لتعلن أنّ إيران هي العدو الأوّل لها وليست إسرائيل، فما تراها فاعلة اليوم أمام هذا الإرتفاع الملحوظ في تسوية العلاقات الأميركية الإيرانية؟

على أنّ أكثر المنزعجين من هذا التحسّن في المفاوضات الإيرانية الأميركية هي إسرائيل التي هي حريصة على أن تبقى إيران هي مصدر الإرهاب وهي الساعية لاقتناء السلاح النووي، لذا لا بد من تقليم أظافرها أو حشد العالم من أجل مواجهتها اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً... إنها إسرائيل تشاغب على خط التواصل الإيراني الأميركي، فتحرّك اللوبي اليهودي في أميركا، تضغط على الكونغرس لوضع حد لأي مشروع اتفاق نووي بين الدولتين... ثم تذهب إسرائيل نحو بناء المستوطنات ومحاولات اقتحام المسجد الأقصى إضافة الى الإيحاء بأنّها قادرة على ضرب كل من يحاول المسّ بأمنها... كلُّ ذلك من أجل تعطيل لغة الحوار بين أميركا وإيران، أو على الأقل أن تمارس سياسة الإبتزاز لتحصل على مزيد من الأسلحة الأميركية المتطورة إضافة الى الدعم المادي والإقتصادي وأن تكون لها يد في أي نظام عالمي جديد قد تكون مصالحه قد بدأت تظهر الى العلن في ظل هذا الإنقسام الدولي حول قضايا الشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا...

إذاً إيران تحاور لفك العزلة والعودة الى الساحة الدولية وبيدها مجموعة من الأوراق الرابحة وأميركا تبحث عن مصالحها أيضاً، أمّا إسرائيل فهي ستظل تشاغب وتشاغب لعلّ الأمور تنقلب الى مصالحها وفق ما تشتهي، ولكن هل تجري الرياح بما تشتهي السفن الإسرائيلية؟