بكل بساطة ما يريده البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي هو انتخاب رئيس للجمهورية . فمنذ اللحظة الاولى التي اعقبت انتهاء ولاية الرئيس الاسبق ميشال سليمان , والبطريرك لا يألو جهدا لدفع الاقطاب السياسية وخصوصا المسيحية لانجاز الاستحقاق الرئاسي . الا ان تأثير البطريرك على القوى السياسية سواء داخل الطائفة المارونبة او خارجها يبقى محدودا وعاجزا عن الدفع باتجاه اتخاذ موقف وطني جامع يلم الشمل ويحصن الساحة من اي خروقات داخلية وخارجية . يقول رئيس اساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر : ان البطريرك الراعي لا يوفر اي فرصة للدفع بالاستحقاق الرئاسي الى الامام وهو لهذه الغاية تكلم مع الزعماء اللبنانيين واجتمع مع رؤساء الدول الكبرى والسفراء وكلفنا بمهمات في هذا المجال , وعن المعطلين لهذا الاستحقاق يؤكد مطر ان الامور معروفة ولا اسرار وجميع اللبنانيين يعرفونهم , فماذا ينفع الكلام في الاعلام ؟ ونحن نحاول معالجة الامور . فالبطريرك وعلى الرغم من الغضب الذي بدا عليه اكثر من مرة وفي اكثر من مناسبة الا انه يتحاشى الاصطدام بقوى الثامن من آذار والتيار الوطني الحر ولا يزال يتجنب قطع شعرة معاوية معها وهو لا يحاكم احدا وانما يحاول توعية الرأي العام ليضغط على النواب . وغني عن القول ان البطريرك الماروني ولفيف من المطارنة القريبين منه يعيشون هواجس وطنية مسيحية مصرية ويعتبرون ان الاستحقاق الرئاسي يتعرض لخطة تعطيل ممنهجة مما يهدد المؤسسات الدستورية والدولة بالفرغ تمهيدا للوصول اى المرحلة الاخيرة التي تفضي الى عقد مؤتمر تأسيسي تطرح فيه المثالثة ممل سيشكل ضربا للميثاق الذي بذل المسيحيون عموما والموارنة خصوصا الغالي والرخيص للحفاظ عليه . وعليه وامام هذه المحنة وفي هذه اللحظة المارونية الخطيرة فقد فتح البطريرك ومعاونوه كتاب البطريرك الياس الحويك الذي كان عراب نشأة دولة لبنان الكبير والاستقلال ليستعيدوا بذلك كلمات خالدة (لاتضيعوا ارث الاجداد الثمين واستحقاق النساك القديسين ودم الشهداء الكريم) ويبدو ان هذه الكلمات تنتج مفاعيلها صرخات متتالية من راع ثائر تبدأ من لبنان ولا تنتهي باستراليا . فصحيح ان سلطة البطريرك الماروني معنوية لكن هذا لا يعني انها ليست ذات اهمية بل هي بالغة الاهمية فهي سلطة معنوية تغييرية لانه لولا جهود البطريرك الحويك لما وجدوا هذا /اللبنان /. وعليه فلم تعد صرخات الغضب التي يطلقها البطريرك الراعي مستغربة خصوصا ان موقع رئيس الجمهورية الي يقر به الدستور للمسيحيين ليس علامة فارقة للبنان فحسب وانما لمسيحيي الشرق الذين يعيشون موجة جديدة من الاضطهاد المرير .