المستقبل عميل أم شريك ؟

في محكمة 8آذار أحكام غير خاضعة لقوانين , بل لأمزجة تتهم وتحاكم, وتنفذ حكمها كما يحلو لها دون أن يكون للمتهمين دور في سير المحاكمة, لأن طبيعة المحكمة ثورية , فهي تتهم ,وتنفذ أحكامها مباشرة دون رجعة, أو عودة الى ناموس أو قانون أو شهود, فكلام القاضي الثوري مقدّس, وحكمه نافذ, ولا سلطة تعطل أحكامه السلطانية .

في محكمة 8آذار تهم جاهزة للأخصام وللمعترضين بدءًا بالعمالة وانتهاءً بالتكفير, وبناءً عليه حُكم تيّار المستقبل بتهم كثيرة من العمالة المتعددة الأشكال والدول, وتمّ استثناؤه من حكومة الرئيس ميقاتي بعد عمل بهلواني انقلابي مدفوع الثمن, ومنذ قيام المستقبل, وقبله مع بدايات دخول الرئيس رفيق الحريري النادي الحكومي, والشُبهة حوله تنشر روائح العمالة الكريهة ,ولو راجعنا الخطابات الرنّانة لقوى الثامن من آذار منذ اغتيال الشهيد الحريري لما وجدنا خطاباً أو تصريحاً لا يوصّف سعد والمستقبل بالخيانة والعمالة, وهذا ما عبأ اللبنانيين,  وأعاد شحنهم الطائفي والمذهبي, وأسّس لمرحلة سياسية من أسوأ المراحل التيّ مرّ بها اللبنانيّون, وهي التي أفضت وأدت الى 7أيّار حيث أكدّ فريق 8آذار ومن خلال احتلاله لبيروت أن المستقبل عدو محتل, وتمّ التعاون معه بالطريقة التي تمّ التعاون فيها مع المحتل الاسرائيلي .

اذا كان هذا  هو حال المستقبل  فلماذا نصفه بوصف ليس له ؟ فأمّا هناك تحامل على المستقبل, أو أخطأ القاضي في حكمه , ونكون بذلك قدّ خربنا الوطن والمجتمع في لحظة مزاج , أو استقراء مغلوط ,أو مقدّمات فاسدة أطاحت بلبنان ومازالت تطحن في حاضره ومستقبله, وهنا يستفيق الذين ماتوا على حبّ الخلاف بين 8 و14آذار ليسألوا الذين برؤا المستقبل من جرم العمالة , ويستفيق اللبنانيّون أيضاً من دوامة موتهم البطيء نتيجة لتهمة هنا واتهام هناك, ليسألوا جميعاً عن سبب لم يكن سبباً كافياً لقتلهم, ولقتالهم الدائم والمستمر .

من الطبيعي أن نشهد تغيّرات في المواقف كما يفعل زعيم الانقلابات السريعة وليد جنبلاط, وكما يفعل زعيم الكرسي الحكومي سعد الحريري عندما يبيع ويشتري في شعارات الأرز, وكما فعل زعيم تيّار القصر الجمهوري ميشال عون عندما تبرأ من 1559 , ومن تصريحات فرنسا الوطنية والسيادية لصالح وعد بالكرسي, ورصيد شهري يغطيّ فيه نفقات الزعامة,  ولائحة الأسماء طويلة, وقد تطال الطبقة السياسية منذ الاستقلال وحتى اليوم . ولكن من غير الطبيعي أن نشهد يوميّاً صعوداً وهبوطاً لتيّار المستقبل ما بين العمالة والشراكة بمصعد 8آذارفتارة عميل يجب أن تقطع يده وهنا التهديد بقطع اليدّ من قبل أن يولد الجزار الداعشي , وتارة أخرى شريك قوي وفعلي وممثل حقيقي ومنقذ للدولة .. كيف يمكن الجمع هنا بين نقيضين ؟  المستقبل عميل , لكنه شريك ,ومقاسم, ومحاصص من الرأس الى أخمص السلطة .