شهدت الساحة السنية في بيروت منذ أسابيع حدثين متقاربين يرتبطان إلى حد كبير بتحرك مدروس ومقصود من بعض أركان الطائفة السنية في لبنان من المحسوبين إلى حد ما على قوى 8 اذار  الاول تمثل بإطلاق " اللقاء الوطني " الذي قاده وأعدّ له رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد حيث أعلن عن وثيقة سياسية تحمل عناوين عريضة لتطوير النظام السياسي مع إعادة بناء المؤسسات ضمن ثوابت المقاومة والعروبة لمواجهة التشدد عبر عدد من الشخصيات السنية المتمايزة عن تيار المستقبل وفي ذلك استعادة لدور أهل السنة القومي وتفعيل حركتهم وتوحيد قواهم في مواجهة حركات التطرف التي تشهدها الطائفة السنية في لبنان والمنطقة كما عبر الوزير مراد نفسه .
وأما الثاني فتمثل بإطلاق " الإتحاد العالمي لعلماء المقاومة "عبر مؤتمر عقد في مطعم الساحة في بيروت طريق المطار والذي حضره حشد كبير من العلماء في لبنان وعدد من الدول العربية .
ويأتي هذا الحراك السني ممنهجا ومدروسا من القوى السنية داخل قوى الثامن من أذار ويأتي أيضا منسجما مع تطلعات وتوجهات هذه القوى والحلف الاقليمي والدولي  الذي يدعمها ويقف وراءها, وقد استطاعت الشخصيات والاحزاب السنية المنضوية تحت عباءة 8 اذار أن تثبت حضورها وفعاليتها على الساحة السياسية اللبنانية ,ويأتي ذلك في ظل غياب كامل لأي حضور سني معتدل وفاعل للفريق الآخر المتمثل بقوى 14 أذار والذي باتت مواقفة وتحركاته تقوم على مبدأ ردات الفعل ليس إلا .
وقد فقد الشارع السني في قوى 14 اذار روح المبادرة تجاه الاحداث التي تعصف بالبلاد وفقد الشارع السني أيضا أي قيادة سنية تلبي حاجاته ومطالبه وبات هذا الشارع أسير الأفكار والمواقف التي انتهجتها القوى المسلحة المتطرفة في الساحة السنية وأسير المواقف التي يطلقها بعض المشايخ السنة بين الحين والآخر وخصوصا في الشمال ,  وقد أكدت الاحداث الاخيرة التي حصلت في طرابلس وجود خلل كبير في هوية الشارع السني في المدينة واقترابه اكثر من توجهات ومعتقدات المجموعات المتطرفة , ولوحظ في هذا السياق انكماش كبير في قدرة تيار المستقبل بما له من امتدادات كبيرة داخل الطائفة السنية على اعادة ضبط الساحة السنية وإنتاج شخصيات أو مجموعات منسجمة مع توجهات التيار في الوطنية والاعتدال وفي هذا السياق أيضا تشهد زعامة الرئيس سعد الحريري للطائفة السنية في لبنان تراجعا ملحوظا تعود أسبابها إلى غياب الأخير الدائم عن لبنان وكذلك غياب الرؤية الاستراتيجية والسياسية الواضحة لتثبيت زعامة الحريري لدى الطائفية السنية .
إن هذه الوقائع وغيرها تشير الى غياب الرؤية والاستراتيجية لدى قوى 14 اذار حيث لم تبادر منذ زمن بعيد إلى وضع استراتيجية واضحة في التعامل مع الأزمات والاحداث التي تحصل في لبنان والمنطقة  لذلك بقيت مواقفها وخصوصا مواقف الشخصيات والزعامات السنية فيها مواقف إعلامية لم ترق إلى مستويات المعالجة الواضحة والمطلوبة للاحداث ولذلك بقيت الساحة السنية في 14 اذار بلا زعامة وحتى بلا زعيم .
وفي المقابل وجدنا في الساحة السنية في فريق 8 اذار موقفا سياسيا موحدا من كافة الاحداث التي تتوالى على لبنان والمنطقة بل واكثر من ذلك هناك حضور دائم ومتواصل على الساحة السياسية والاعلامية لعدد كبير من شخصيات الطائفة السنية في 8 اذار وهناك مبادرات جديدة بشكل دائم تواكب الاحداث ومتطلبات المرحلة  .