معركة طرابلس الاخيرة والتي خاض خلالها الجيش اللبناني مواجهات عنيفة ضد مجموعات ارهابية كشفت عن جملة امور ايجابية ابرزها ان الجيش وعندما يتوفر له الغطاء السياسي قادر على مواجهة التنظيمات المتطرفة وضربها والقضاء على مكامن الخطر التي تشكلها وحسم المعركة لمصلحته . فالانجاز الذي حققه الجيش في هذه المعركة ساهم في طي صفحة التوظيف الاعلامي والسياسي لما يعتبر اختراق داعش وجبهة النصرة وغيرهما من المجموعات الارهابية لبنان ويهدد نسيجه على وقع تصنيفات بين من يحارب الارهاب ومن يدعمه . فمواقف الاطراف اللبنانية جاءت في سياق واحد وهو الدعم الكامل للجيش ضد هؤلاء التكفيريين , وتمثل ذلك في رفع حزب الله وتيرة دعمه الكلامي للجيش وبلغ ارتفاع نيرة هذه الوتيرة حد اعتبار رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان عدم قبول الهبة الايرانية للجيش والتي يقال انهاحاولت منافسة الهبة السعودية الاخيرة والبالغة المليار دولار يشكل طعنا للسيادة الوطنية . وقد سار كلام النائب رعد جنبا الى جنب مع غطاء كامل قدمه رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري للجيش في المواجهة التي خاضها , وهو غطاء كفل له تقديرا لافتا من خصوم سياسيين له ابرزهم النائب سليمان فرنجية , على الرغم من ان موقف الحريري ليس جديدا, وهو كان بالقوة نفسها في احداث صيدا عندما خاض الجيش المواجهة ضد ظاهرة احمد الاسير , كما كان الموقف نفسه داعما للجيش بالقوة نفسها في احداث عرسال الاخيرة خلال شهر آب الماضي . هذا التلاقي من الجانبين السني والشيعي الاساسيين في البلد حول الجيش يرفع من منسوب الرهان على المؤسسة العسكرية كسبيل للمحافظة على الامن والاستقرار في البلد وكضامن لعدم الانزلاق الى حروب اهلية او حروب مذهبية في الداخل اللبناني خلافا لما يجري في المحيط سواء على الساحة السورية او الساحة العراقية. مصادر سياسية تؤكد ان هذه التطورات اعطت اطمئنانا اكبر للبنانين على على وقع ان الجيش متماسك وهو مدعوم من جميع الافرقاء , الامر الذي يؤكد عدم وجود بيئة حاضنة للارهاب داخل المجتمع اللبناني بعكس كل ما يشاع او يقال . وفي جانب آخر فان اللافت انه مع هذا الموقف الجامع لكافة الاطراف السياسية الفاعلة على الساحة الداخلية حول المؤسسة العسكرية نجد هناك من يصر على تعطيل اجراء انتخابات رئيس للجمهورية بداعي ان الظروف غير مؤاتية . فالعماد ميشال عون الذي يتحمل وحده مسؤولية الفراغ الرئاسي الذي جاوز الخمسة اشهر يحاول ان يرفع هذه المسؤولية عن عاتقه ليلقيها على الظروف ولا نعرف ما هي هذه الظروف التي ينتظرها عون والتي سوف لن تأتي . وكل ذلك يترافق مع مبادرة اطلقها الرئيس سعد الحريري بدعوة المعنيين مباشرة لاطلاق مشاورات وطنية تثمر اتفاقا على رئيس جديد للجمهورية وانهاء الفراغ في موقع الرئاسة الاولى .