ان احدا لا يستطيع ان يجزم بان معركة طرابلس الاخيرة قضت على مكامن الارهاب على كامل الاراضي اللبنانية من الشمال الى الجنوب مرورا با لبقاع والعاصمة بيروت , وان الجيش استطاع ان يقضي على الخلايا الارهابية التي تهدد امن واستقرار البلد بين الحين والاخر , الا انه لا يجوز التقليل من الانجاز الكبير الذي حققه الجيش في هذه المعركة .     فالمعارك الضارية التي خاضها الجيش الوطني ابتداءا من عملية عاصون واستمرت لثلاثة ايام حتى تمكن من بسط السلطة الشرعية على كافة الاحياء والزواريب في عاصمة الشمال طرابلس حيث كانت تتواجد اوكار الجماعات الارهابية وتلجأ اليها وتتخذ منها منطلقا لعملياتها واعتداءاتها بعد ان تتخذ السكان هناك كرهائن للحد من خسائرها خلال خوض معاركها ضد القوى الامنية والتي ذهب ضحية هذه المعارك 12 عسكريا بين جندي وضابط وما يقارب العشرة من المدنيين سقطوا في ساحات المعركة عدا الخسائر المادية الجسيمة والتي جاوزت ملايين الدولارات , فان الجيش وان لم يتمكن من القضاء نهائيا على الخلايا الارهابية حيث استطاع رموز هذه الخلايا / شادي مولوي واسامة منصور وخالد حبلص /ومعهم العشرات من الارهابيين من الفرار الى الجرود الوعرة في منطقة الضنية وعكار وغيرها لتأمين المأوى الآمن ,لكن يمكن التسجيل للمؤسسة العسكرية وبقيادة العماد جان قهوجي انها تمكنت من احباط الاهداف المعلنة لهذه الجماعات والتي تمثلت بالآتي :   اولا منع هذه المجموعات المتطرفة من القيام بعمليات عدوانية نوعية كانت تنوي القيام بها وفق ما اظهرته اعترافات الارهابي المخضرم احمد سليم ميقاتي تمكن هذه الجماعات التكفيرية من الامساك ببقعع جغرافية شمالية معينة يسهل التحكم بها والدفاع عنها طويلا باعتبارها نقاط ضعف للجيش والقوى الامنية ويسهل تحويلها لاحقا الى قاعدة انطلاق تجعل الارهاب المرتبط مباشرة بتنظيم داعش وجبهة النصرة في القلمون السورية وفي جرود عرسال رقما صعبا في المعادلة الداخلية اللبنانية .    ثانيا احباط محاولات احتلال احياء داخلية معينة في طرابلس وهو الخيار الذي لجأت اليه المجموعات الارهابية بعد الضربة النوعية التي تلقتها على يد الجيش في عاصون في منطقة الضنية وتحويل سكانها الى رهائن في حربها على الشرعية المتمثلة بالقوى الامنية اللبنانية .     يبقى الانجاز الكبير الذي حققته المؤسسة العسكرية في ضربها لهؤلاء الارهابيين انها حرمت الجماعات الارهابية من الرهان على بيئة حاضنة يمكن ان تحتضنها , خصوصا بعد الالتفاف الكبير على المستويين الرسمي والشعبي حول الجيش وبيانات التأييد له من كافة شرائح المجتمع اللبناني على اختلاف تلاويينها السياسية والحزبية وانتماءاتها الطائفية والمذهبية باعتباره الملاذ الآمن للشعب اللبناني والحامي لسيادة واستقار وحرية الوطن والمواطن .      وفي هذا السياق فقد شهد الجميع لمواقف الرئيس تمام سلام والقرارات التي اتاحت للجيش سبل الاقدام والقيام بما انيط به وما حققه بنجاح كبير مثلما سجلوا لرئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري جرأته وشجاعته في اتخاذ القرارات الحساسة والحاسمة في الظروف الصعبة .    الا ان الاشارة التي لا بد منها ان هذا الانجاز الكبير للجيش يبقى منقوصا على المستوى السياسي والوطني ما دام مجلس النواب عاجزا عن انتخاب رئيس للجمهورية .