يحمل مقبل لعبة تعود لشقيقته الصغيرة آزاد. لعبة لم يتبقّ منها سوى جسد بلاستيكي من دون ملامح. يقف الطفلان على مرمى حجر من السرايا الحكومية وأمام العوائق الحديديّة. ترى الطفلة، التي لا يتعدّى عمرها السنة الواحدة، لعبتها الصغيرة فتفرح، ليسرع شقيقها إلى فتح صندوق سيارته البلاستيكيّة ويخبئ اللعبة في داخلها.

 

تحزن آزاد وتطالب مقبل بـ"فكّ أسر" لعبتها الصغيرة، تبكي قليلاً، فيفرح الصبي ويفتح الصندوق حتى تشاهد "زيزي" لعبتها. يُخرج اللعبة ثم يحاول قذفها إلى مكان بعيد. يهدّدها بتكسير ما تبقّى لها من جسد. بعيون حزينة، تنظر آزاد إلى اللعبة وتطالب مقبل، من دون أن تحرّك شفتيها، بالعدول عن فكرته. فيضحك ابن الأعوام الثلاثة ثم يعيد اللعبة إلى صندوقه، رافضاً إطلاق سراحها، بالرغم من استغاثة شقيقته.

 

لا يقصد مقبل، ابن العسكري المخطوف خالد مقبل حسن، أن يلعب لعبة قضيّة المخطوفين، التي جعلته يقضي أيامه ولياليه مع شقيقته وبعض أفراد عائلته في إحدى الخيم أمام السرايا الحكومية.

 

في هذه الخيم، لا شيء سوى الخوف عند أهالي العسكريين.. الخوف من السكين المصلت على رقاب أبنائهم العسكريين. البعض من الأهالي لم ينم ليل أمس الأوّل، فالكوابيس تختلط مع الأخبار الآتية من جرود عرسال: "جبهة النصرة" تقرر تنفيذ حكم الإعدام، ثم تتراجع، ثم تقرّر، ثم تتراجع..

 

بيانات "النصرة" لم تكف الخاطفين، الذين سمحوا للجندي المخطوف خالد مقبل حسن بالاتصال بزوجته ليقول لها إن الخاطفين اتصلوا بالوزير وائل أبو فاعور وطلبوا القيام بأمر غير صعب التحقيق لم يفصحوا عنه، وأبلغها انه في حال عدم تنفيذ طلبهم سيقدمون بقتله وزميله سيف ذبيان، وسيعلنون لاحقا عن اسم جندي ثالث قرروا قتله أيضا إذا لم ينفذ طلبهم. وأكد ابو فاعور "أنه تلقى كتابا يتضمن مطالب الخاطفين من الحكومة".

 

الأهالي يفقدون الأمل رويداً رويداً، هم أصلاً لم يعودوا يؤمنون بالدولة، ولا حتى بتحرّكاتهم. واحدة منهم تقول: "سأقدّم طلبات الهجرة الى كلّ السفارات الأجنبيّة". هم فعلياً ينتظرون خبراً يقيناً: الموت أم الحياة.. المهمّ هو الخبر، فهم يشعرون بأن الأيام التي تتداول بينهم ما زالت 2 آب. ولذلك، فقد ألّح الأهالي للاجتماع برئيس "الهيئة العليا للإغاثة" اللواء محمد خير. انتظروه أكثر من ساعتين حتى يصل من طرابلس.

 

بعض الأهالي الذين اجتمعوا باللواء خير قرّروا الانسحاب قبل انتهاء الاجتماع. هم يقولون إن اللواء ليس لديه أي معطيات سوى أنّ "اللواء عباس ابراهيم أبلغه أن الخاطفين تراجعوا عن قرارهم عن تصفية أحد العسكريين، وأنّ الموفد القطري سيستكمل المفاوضات فور وصوله خلال الـ48 ساعة المقبلة". وقد ساد خلال الاجتماع هرج ومرج، وصل إلى حدّ التهديد بالخطف أو التصعيد بإقفال بعض الطرق في بيروت. يقول أحد الأهالي: "الأمر لم يعد يتعلّق بإقفال الطرق، لدينا عدّة سيناريوهات في رؤوسنا. فلتأخذ الدولة على محمل الجدّ هذه المرّة".

 

وتوجه الأهالي إلى الرئيس تمام سلام بالقول: "ماذا تنتظر؟ الملف معك منذ 15 يوما، هل تنتظر أوامر من تركيا وقطر والسعودية؟ أنهِ القضية وإلا فإننا سنريكم ما لم تروه من قبل".

 

وأضافوا: "على الدولة بالتأكيد ان تدفع ثمنا مقابل إطلاقهم، ونريد أن تدفعه بأسرع وقت"، مشيرين إلى أنّ "أي تهديد يصلنا من الخاطفين، يكون نتيجة تأخر الدولة في المفاوضات".

 

وليلاً، قام أهالي المخطوف سيف ذبيان بقطع الطريق عند مستديرة دوار بيت الدين - بعقلين بالإطارات المشتعلة.