الجميع يعرف أن الفتنة المذهبية  التي دخلت فيها البلاد الاسلامية , مُهلكة للجميع وخاصة للذين يعرفون أنها مُهلكة لهم , مع ذلك هم ساهموا وعملوا على تأجيجها , وباتت هذه الحقيقة من البديهيات , ولكي نكون منصفين نقول إن مَن ساهم في تأجيج الفتنة المذهبية , ليس الغرب كما يدعي أدعياء الحرص على الدين والوطن , لأن الغرب أو غيره , أو العدو المتربص بنا شراٌ , لا يمكن أن ينجح في أي مشروع فتنوي  لولا وجود فاعلية داخلية , مُهيأة لتلقي شرارة الفتنة وهي بدورها تُكمل الإشعال وتزيد في الطين بِلة , نرجو أن لا نجرح أحدا في شعوره الوطني والديني أو المذهبي , لأن هذا الكلام قد يزعج البعض من أدعياء الفهم , وخاصة مَنْ يدعي الفهم في الدين والاديان , والحرص على الدين والاوطان .

إن التطرف الذي ساد منذ فترة , كان سببه الخطاب الديني المذهبي, فلذلك يتحمل رجال الدين المسؤولية كاملة عما يحصل في البلاد من تطرف وتطرف مقابل , وعنفٍ وعنفٍ مقابل , لأنه بالاصل لا مشروع ديني عند السلطات الحاكمة , بل مشروعها هو سياسي بامتياز , فلماذا يعاونها رجال الدين في إخفاقها السياسي ؟ , فرجال الدين السلطويون هم الذين يعاونون السلطة  ويغطون فشلها السياسي فيحولون الصراع من سياسي الى ديني , وبالتالي يَسهل على السلطة إستغلال الديني في الصراع السياسي وزج الناس في تقاتل مذهبي بتحريض من رجال الدين المقربين من السلطة أولا , ويسقط معهم من خلال خطابهم التحريضي بعض رجال الدين البسطاء أو الجهلة .

بأي حقٍ يضع البعض من رجال الدين ، نظاما سياسيا في إطار القداسة ويمنحوه صفة الخلود , ويُسخرّون الدين والمذهب والاتباع من أجل الدفاع عنه مهما كلف الامر . فلولا الخطاب الديني المذهبي لما حصل أن إستغل العدو المتربص بنا الواقع المريض والمُهيأ , فكان الواقع في البلاد الاسلامية جاهزا للفتنة , وما زال حاضرا لأكثر مما يحصل ما دام الخطاب الديني المذهبي بلا رقيب وبلا مسؤولية . وما زالت السلطات الحاكمة تشجع الخطاب المذهبي وتدعمه لانها بحاجة له من أجل تمرير مشاريعها السياسية , وتستغل رجال الدين السلطويين لأنها بحاجة الى شرعية شعبية مفقودة , فرجال الدين هم الذين يعوضون لها هذه الشرعية .