رئيس الحكومة تمام سلام , وفي معرض تعليقه على الاحداث الدراماتيكية المتلاحقة على الساحة السياسية اللبنانية في الايام الاخيرة وقد انهكته حماوة تلك الاحداث تساءل بانزعاج : هل ترضى القوى السياسية بخراب البلد ؟ ولعل الجواب على هذا التساؤل او بعضا من هذا الجواب جاء على لسان وزير الداخلية والبلديات الوزير نهاد المشنوق عندما بق البحصة وقالها بكل جرأة وبالفم الملآن في سياق كلمة القاها في الذكرى الثانية لاغتيال الشهيد اللواء وسام الحسن ( نعم هناك فريق في البلد يريد تطبيق الخطة الامنية في مناطق ويمنع تطبيقها في مناطق اخرى مؤكدا ان الامن وحدة لا يتجزأولا يحتمل المقاربات الحزبية الضيقة متابعا : لن نقبل بتحويلنا الى قادة صحوات متخصصين في فرض الامن على قسم من اللبنانيين بينما القسم الآخر ينعم بالحصانة الجزبية ) . لا شك ان الرئيس سلام لا يسأل سؤال الجاهل بالواقع السياسي الداخلي بل يتساءل سؤال المستنكر لهذا الواقع والذي دفعت البلاد ثمنا باهظا بسببه والمتمثل بتقسيم واقعي وفعلي للبلد الى دولتين متوافقتين في الظاهر ومتناقضتين ومختلفتين في حقيقة الامر : دولة شرعية ظاهرها توافق اللبنانيين جميعا وتلاقيهم من حولها وتحت جناحها , ودويلة شبه مستقلة لها جيشها ودولتها الخاصة وتحالفاتها وارتباطاتها السياسية والعسكرية والامنية والايديولوجية بدولة خارجية تسعى جاهدة لتمرير وتطوير نفوذها وسطوتها وسلطتها على ما امكن من منطقة الشرق الاوسط وصولا بمدها الى شواطيء البحر الابيض المتوسط ممثلا بالشاطيء اللبناني في اي بقعة او زاوية من زواياه وخباياه التي تمكن الظروف من ايصال اسطول السطوة الايرانية اليها . وعليه يصبح تساؤل الرئيس سلام في موضع تساؤل العارف والمؤكد لواقع مؤسف تدور الدولة في حلقاته المفرغة التي تفرض على البلد ان يعيش في ظل فراغات تلو فراغات تنتج له ازمات ومشاكل لا يقو على الخروج منها او ايجاد حلول لها , وتزحف بالوطن والمواطن نحو مهاوي المجهول والخراب والدمار المرعبين وبالتالي ضياع البلد في مهب المشاريع الاقليمية والدولية . فالبلد لا يقوم بارتباط مكوناته او بعضا منها بمشاريع خارجية يتداخل فيها الاقليمي بالدولي , ولا بد من الالتفاف حول مشروع وطني جامع لكافة المكونات اللبنانية على اختلاف انتماءاتها المذهبية والطائفية والسياسية والحزبية لبناء الدولة العصرية والحديثة القائمة على مبدأ العدل والمساواة بين كافة اللبنانيين والاسراع في انتخاب رئيس للجمهورية يجمع الشمل قبل ضياع الوطن بين براثن الاصطفافات المذهبية المتطرفة , بل لابد من تغليب منطق الاعتدال الذي يحترم فيه كل فريق رأي الفريق الآخر , وذلك قبل فوات الآوان وقبل ان نصل الى مرحلة لا يعود ينفع الندم .