المشهد السياسي على المسرح الداخلي يبدو متشابها الى حد كبير للمشهد السياسي على المسرح الاقليمي ,بل ان هناك ترابط بين المشهدين عندما تتكشف الصورة بشكل واضح عن انعكاس الاحداث الاقليمية على الوضع اللبناني حيث تأتي التطورات التي تشهدها الساحة الداخلية امتدادا للتطورات على الساحة السياسية الاقليمية . فهي ايام قليلة الفترة الزمنية الفاصلة بين الهجوم الذي شنه الوزير الازرق في الحكومة السلامية نهاد المشنوق وزير الداخلية والبلديات على حزب الله وسياسته في البلد وبين الهجوم العنيف الذي شنته المملكة العربية السعودية على الجمهورية الاسلامية الايرانية عندما تولى كبير الدبلوماسية السعودية الامير سعود الفيصل توجيه اتهام خطير لأيران عندما اعتبر ان الوجود الايراني في سوريا هو وجود قوات احتلال , داعيا القيادة الايرانية الى سحب هذه القوات من سوريا . وكلام الفيصل جاء خلال مؤتمر صحافي عقده في اعقاب الاجتماع الذي جمعه بوزير الخارجية الالماني الذي زار السعودية الاسبوع الماضي معتبرا ان ايران هي جزءا من مشاكل المنطقة وليست جزءا من الحل في سوريا والعراق واليمن وعلى القادة الايرانيين سحب قواتهم العسكرية من سوريا والتقليص من نفوذهم المهيمن في دول المنطقة . وفي السياق عينه تبدو التطورات اللبنانية امتدادا للتطورات في المنطقة حيث جاءت الاتهامات والانتقادات اللاذعة التي وجهها الوزير نهاد الشنوق في الذكرى الثانية لاغتيال الشهيد اللواء وسام الحسن الى حزب الله وكأنها استكمال للحملة التي بدأها الوزير السعودي قبلها بايام قلائل . ويبدو ان الوزير المشنوق وصل الى قناعة بان حزب الله لن يبدل اجندته الحزبية لمصلحة الاجندة الوطنية عندما كشف ان لا سلطة له على الخاطفين والمزورين في القرى البقاعية التي تشكل حاضنة لحزب الله, ومما قاله اننا منذ العام 2005 كان هدفنا الوصول الى استراتيجية دفاعية للدولة اللبنانية فاذا نحن اليوم بلا استراتيجية دفاعية وبمقاومة ادماها التفرد ويكاد يخنقها دخان الحريق المذهبي . وذكر المشنوق ان التشدد المذهبي لا يحارب بتشدد مذهبي آخر بمعنى ان التشدد السني لا يحارب بتشدد شيعي وان المدخل الى الاستقرار هو تحقيق العدالة والمساواة بين المواطنين . مراجع سياسية تقول ان هذا الهجوم غير المسبوق لأحد ابرز صقور تيار المستقبل لم يأت من لا شيء , فالرجل لم يدخر جهدا منذ توليه حقيبة الداخلية للتواصل مع حزب الله والتحذير من مخاطر الوضع الامني وتفشي البؤر الارهابية وماسترتبه على البلاد , الا ان كل جهوده لم تلق اي تجاوب لتسهيل مهمته في احتواء هذا الوضع الامني الخطير ومواجهته مما اوصل الامور الى ما وصلت اليه . واذا كان من المستبعد ان يرتب هذا التصعيد اي مضاعفات خطيرة على البلاد ولن يؤدي حتما الى اي انفجار في العلاقة المقطوعة اصلا مع حزب الله لكنه يرمي الى كشف الامور كما هي للرأي العام لأنه لا يمكن الطلب الى وزير الداخلية ان يضرب بيد من حديد عندما يستهدف الضرب طرفا واحدا فيما يجري غض النظر عن الطرف الآخر . بأية حال فلا تداعيات لكلمة المشنوق على التضامن الحكومي والسبب ان حزب الله ليس من مصلحته اقفال الابواب مع /الصحوات/ في لبنان فيما ايران تعيد الاعتبار للصحوات في العراق , والحزب يدرك جيدا كم هي مكلفة القطيعة مع التيار السني المعتدل .