ايبولا وداعش داءان لا دواء لهما وعلتان لا شفاء منها .
ففيما العالم كله يقف مرعوبا من مرض جديد غزا بعض الدول الافريقية والاسيوية والاوروبية وحتى الاميركية وسبب الكثير من حالات الوفاة , كذلك فانه يقف بنفس المستوى من الرعب وربما اكثر من خنجر داعش الذي لا يشبهه في العصور الغابرة غير سيف هولاكو الذي غزا ذات المنطقة التي يغزوها اليوم الخليفة ابو بكر البغدادي ويفرض اجرامه عليها تحت راية اسلام مزيف يفتقد الى الحد الادنى من خلقيات الاسلام التي ترتكز على المحبة والسلام والتسامح .
فمرض ايبولا الذي جاوز اكثر الامراض الخبيثة خطورة ,عجزت احدث المختبرات الطبية وارقى المراكز العلمية من حيث الحداثة والتطور عن ايجاد تفسير علمي وطبي لسر نشوء هذا المرض العضال للتمكن من ايجاد الدواء الناجع لمكافحته فيزداد انتشارا وينتقل من بلد الى بلد لدرجة انه بات يهدد الملايين من البشر بالفناء .
كذلك فان تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام / داعش/ الذي فاقت جرائمه حدود المنطق والعقل الانساني لما يحمل عناصره من افكار ارهابية وتكفيرية ومتطرفة , بحيث تستبيح كل المحرمات بعدما افتقدت الى الحد الادنى من ملكات الاخلاق الانسانية ومن مقومات القيم الاسلامية , فان اكبر تحالف دولي تم انشاؤه بقيادة الولايات المتحدة الاميركية لمحاربة هذا التنظيم والحد من اخطاره التي باتت تهدد اكثر الدول على امتداد الوطن العربي من المحيط الى الخليج , يبدو مرتبكا امام انتشار هذه الظاهرة الغريبة وعاجزا عن وضع استراتيجية واضحة المعالم للحد من مخاطرها وايجاد الدواء المفيد للقضاء على هذا الداء المعدي .
والارتباك الدولي يتوالد من الرؤية المنفردة لكل دولة للمسرح السياسي الذي يشغله تنظيم داعش وحدود الدور المركون اليها على هذا المسرح مقرونا بالمصالح التي قد تجنيها من خلال مشاركتها في الحرب على داعش .
فدمشق تسعى الى التنسيق مع الولايات المتحدة التي كانت تعتبرها رأس المؤامرة التي تهدد نظامهاطمعافي حفظ نظام الاسد.
وانقرة التي تعهدت بالمشاركة في التحالف فانها لا تحرك ساكنا لدعم الاكراد في كوباني ضد داعش قبل ان يضمن لها التحالف تعهدا باسقاط النظام السوري .
الادارة الاميركية التي تعهدت يوما بالقضاء على النظام السوري عندما استعمل الاسلحة الكيماوية ضد شعبه , فانها اليوم تجد نفسها حليفا غير مباشر له , وكذلك واشنطن التي تعد بتسليح فصائل المعارضة السورية التي تصنفها بالمعتدلة فانها غير مستعدة للاعتماد عليها كرأس حربة للقوى المعتدلة في النزاع السوري .
وفي بيروت يبدو الارتباك اكثر وضوحا من خلال التزام الحكومة مبدئيا بالتحالف الدولي ـ العربي ضد الارهاب من جهة والسعي للاحتفاظ برضى الجماعات الارهابية الخاطفة للعسكرييين والتي تهدد بذبحهم على الطريقة الداعشية من جهة ثانية .
امام هذا الارتباك فانه من الضروري بمكان التوصل الى صيغة سياسية واضحة لاستراتيجية الحرب على الارهاب تبدأ بخارطة طريق تمهد لقيام شرق اوسط تعددي وديمقراطي وخاليا من الارهاب ومن الانظمة الديكتاتورية قبل ان تقع المنطقة العربية بفوضى عارمة قد تدفع شعوبها على الترحم على ما مضى في سالف الازمان .