ليس خبر الزيارة التي قام بها الأمين العام لحزب الله الى البقاع "بمناسبة عيد الغدير" الاحد الماضي واجتماعه مع كوادر حزبية هو الذي فاجأني، وانما تسريب هذا الخبر عبر وسائل اعلام مقربة ومحسوبة على حزب الله هو الامر المفاجئ، ولا اخفي هنا انني كنت انتظر صدور تكذيب ما للخبر من الدوائر المختصة في الحزب، ولما لم يصدر هكذا تكذيب كان لا بد من التوقف مليا امام هذا الخبر
بالخصوص اذا ما اخذنا بعين الاعتبار حقيقة لا بد من الإقرار بها وهي ان حزب الله يتمتع بباع طويل جدا بما يسمى بالاعلام الحربي وما يتشعب منه الى الحرب النفسية والتي لطالما سجل الحزب نجاحات باهرة على هذا الصعيد في سياق مقارعته للاحتلال الإسرائيلي وعلى ضفتي متطلبات هذا النوع من الحروب، ان بالمحافظة على مستوى معنويات مقاتليه وجمهوره من جهة او من خلال تهبيط عزائم جنود العدو وقياداته من جهة أخرى
فمن بديهيات القول ان هذه الزيارة التي جاءت بعد الإخفاق الكبير الذي مني به الحزب في جرود بريتال والثمن الكبير الذي دفعه ان بعدد ما سقط له من مقاتلين او بسبب توثيق هجوم المسلحين على مواقعه بافلام انتشرت على كل وسائل التواصل الاجتماعي ، وما كان لها من ارتدادات سلبية على الروحية القتالية عند مقاليه لتأتي الزيارة ضمن السياق الطبيعي لاعادة رفع معنوياتهم، ويجدر الإشارة هنا بان هذا الفعل ليس غريبا على الأمين العام ومن المعروف عنه قربه من المقاتلين وتواجده في ساحات المعارك ولعل هذا واحد من أسباب عشق مقاتلي الحزب لشخص السيد كقائد موجود بين عسكره، فليست هي المرة الأولى، حتى انه وكما هو معروف في حرب الإقليم ( سيئة الذكر ) بين حركة امل وحزب الله كان السيد متواجدا طيلة الحرب ولم يترك المحاور حتى توقيع اتفاق وقف اطلاق النار بين الطرفين
ومن هنا يأتي السؤال: لماذا هذه المرة تم تسريب خبر الزيارة؟
الجواب بكل بساطة هو ان المطلوب هذه المرة اكثر من رفع معنويات المقاتلين والعسكر ليتجاوز ذلك الى رفع معنويات الجمهور نفسه والبيئة الحاضنة أيضا، بالخصوص في المناطق الحدودية، وبالأخص في القرى الشيعية المحاذية للحدود السورية
لان حزب الله هذه المرة يخوض حربه منفردا، ولم تفلح كل دعايته الحزبية في تكريس فكرة انه يدافع عن كل اللبنانيين، وبالتالي فهو معني بدرجة كبيرة بالمحافظة على معنويات جمهوره الذي بدأ يطرح التساؤلات الكبرى عن جدوى اقحامهم بالحرب الى جانب نظام الأسد وبالخصوص بعد تهافت مبررات الحرب الاستباقية وانها تمنع قدوم الإرهابيين الى بلادنا، فهذا المبرر لم يعد ينطلي على أهالي بريتال الذين باتوا يسمعون أصوات الإرهابيين بآذانهم
فاذا ما كانت الزيارة تهدف الى رفع معنويات المقاتلين، فان تسريبها المقصود، حتما يهدف الى رفع معنويات ما تبقى للحزب من جمهور في تلك المنطقة.