لعلّ أمر الحرب الأميركية والتحالف الدولي والإقليمي ضد داعش لمن الأمور المحيّرة، فالجميع يعلم أنّ داعش هي ثمرة القتال الدائر في سوريا، ولو سلّمنا جدلاً أنه ليس للأميركي والغرب يد مباشرة في إعداد وتشكيل هذا التنظيم الإرهابي، فإن أميركا متورطة بطريقة غير مباشرة من خلال رعايتها للثورة السورية وإذكاء التطرف فيها وانحرافها عن أهدافها الأساسية لتشكل من رحمها منظمات إرهابية كداعش، ولا نستطيع أيضاً ان نبرّىء تركيا والحلف الأطلسي من الدعم المباشر لهذه المنظمة الإرهابية، ولكن أميركا اليوم تفاجئنا بهذا التحالف بعدما انكفأت عن عزمها إسقاط النظام اثر تسليم النظام السوري للأسلحة الكيميائية. وهنا ترتسم علامات الإستفهام حول طبيعة هذا التحالف الجديد وأهدافه، ومن الملاحظات المبدئية أنه استثنى المتضررين مباشرة من هذا التنظيم كإيران وحكومة بغداد ونظام الأسد وحزب الله والحوثيين، هذا إقليمياً، والملاحظة الثانية أنه استثنى روسيا من هذا التحالف وهي التي نالها نصيبها من الإرهابيين في القوقاز والتفجيرات التي طالت عاصمتها موسكو ومدن رئيسية فيها، والملاحظة الثالثة أنه جاء من فوق المعايير الدولية، وكأننا بالأميركيين يريدون فعل ما لم يستطيعوا فعله في السابق من خلال مجلس الأمن بسبب الفيتو الروسي والصيني. وإذا أخذنا هذه الملاحظات بعين الإعتبار نصل الى الإستنتاجات التالية:

1-    هل حققت داعش الأهداف الأميركية ومكنتها من اتخاذ تمددها ذريعة لفعل ما فعلته بعد أحداث 11 أيلول وبعد الثورة الليبية الأخيرة؟

2-    إن هذا التحالف وإن كان ضد داعش إعلامياً إلا أنه يستهدف روسيا وإيران وحلفاءها في المنطقة بطريقة غير مباشرة ولاحقاً..

3-    إعادة جمع حلفاء أميركا الإقليميين المنهارة معنوياتهم في إطار عسكري سياسي جديد يعوض لهم الفشل الذي أصابهم في عدم القدرة على إسقاط النظام السوري وهزيمة الحوثيين وجرّ حزب الله الى قتال شيعي سني في لبنان.

4-    إن الهدف من الحرب إستكمال الطوق حول جميع القوى التي تريد لاحقاً النيل من إسرائيل في ظل هذه الفوضى العارمة التي تعيشها المنطقة.

5-    تحييد إسرائيل عن هذا التحالف لا يعني أنه ليس جزءاً منه بل هو الإحتياط الإستراتيجي إن فشل في تحقيق أهدافه.

6-    إعادة رسم خارطة للمنطقة على أسس جديدة طائفية ومذهبية وعرقية وإثنية الأمر الذي يصفّي القضية الفلسطينية نهائياً.

ولعل هذه القراءات السريعة تجلي الضوء على بعض أهداف ومصالح هذا التحالف الجديد وإذا أمعنّا النظر حول المعارك الدائرة في عين عرب الحدودية ندرك جيداً ما هي أبعاده.