التطورات المتسارعة في كل المنطقة العربية والاسلامية تكشف عن حجم المخاطر التي نواجهها جميعا اليوم، فالخطر من التقسيم والتفتيت لم يعد يقتصر على دولة دون اخرى، والاقتتال الداخلي يمتد كالسرطان من بلد الى اخر ومن منطقة الى اخرى.

والمتطلع الى خريطة الاحداث يلحظ ان القتال الذي بدأ في سوريا والعراق ويطال الاكراد اليوم قد ينتقل سريعا الى دول اخرى مهمة واساسية كتركيا والسعودية والاردن ولبنان، اضافة الى استمرار الصراع في اليمن والبحرين وليبيا ومصر.

وتنظيم داعش او الدولة الاسلامية اصبح يحلم بالامتداد الى كل دول العالم والحرب التي تشن عليه تقوّيه ولا تضعفه ولا تلجم خطواته.

ومن كان يظن انه يمكن ان يستفيد من دور داعش لتحجيم قوى اخرى او لتغيير بعض المعادلات في المنطقة لصالحه سيدفع الثمن هو ايضا لان الخطر لن يبقى محدودا في اطار معين.

فالأكراد الذين ظنوا انهم بسكوتهم او تآمرهم مع داعش وتسهيل سيطرته على الموصل مقابل سيطرتهم على كركوك والضغط لتغيير رئيس الوزراء العراقي ها هم يدفعون الثمن كبيرا في سوريا والعراق وتركيا.

واما تركيا والسعودية اللتان رحبتا بسيطرة داعش على الموصل وسكتتا عن جرائمه في البداية ،ها هما يواجهان الخطر الكبير لان التطورات في اليمن وشمال سوريا وما يجري في مدينة عين العرب(كوباني) الكردية سيمتد الى مناطق اخرى وتركيا ستواجه خطر التقسيم ،كما ان السعودية لن تبقى بعيدة عن الخطر.

وفي لبنان يزداد الخطر وما يؤكد ذلك التصريحات التي ادلى بها قائد الجيش العماد جان قهوجي والتي كشف فيها ان داعش يريد التمدد نحو طرابلس وعكار بهدف الوصول الى البحر ،وكما تحدث قهوجي عن وجود قيادة موحدة للمجموعات الاسلامية المتشددة في طرابلس تخوض المعركة ضد الجيش، كما ترددت معلومات عن وجود خطط لداعش والنصرة لنقل المعركة الى البقاع الغربي ومنطقتي العرقوب وحاصبيا، كما تستمر المعارك في جرود عرسال والحدود الشرقية.

والخطر يطال ايضا ليبيا واليمن والاردن والمنطقة كلها تشتعل بالصراعات والتفجيرات وتمدد المجموعات الاسلامية المتشددة.

واما مواجهة هذه المخاطر فلا يمكن ان يقوم به فريق لوحده او دولة لوحدها، واما الاعتماد على التحالف الدولي لمواجهة داعش فهو الكذبة الكبرى، وما يجري اليوم يذكّرنا بما جرى غداة الحرب العالمية الاولى عندما تحالف بعض العرب مع بريطانيا وفرنسا لمواجهة ظلم الدولة العثمانية فكان جزاؤهم تقسيم المنطقة واعطاء وعد بلفور لليهود وسقوط المنطقة تحت الانتداب الفرنسي والانجليزي ونهاية الخلافة العثمانية، وتخلى البريطانيون والفرنسيون عن كل وعودهم بنصرة العرب.

ولذا علينا اليوم ان نتعظ من التاريخ ولا ننتظر الحلول من الخارج ونحتاج لمبادرات عربية-اسلامية لانقاذ ما تبقى والا فان الخراب والخطر سيشمل الجميع.

قاسم قصير