تحت سماء الحلف الدولي تخوض داعش معاركها ضدّ أكراد سورية تحقيقاً لأهداف معينة مرتبطة ومتصلة بالديمغرافية السورية وتنظيفها من الأقليّات لفتح المجال أمام مستقبل سوري لا مكان فيه للمحاصصة أو لتوزيع السلطة على المكونات كما جرى في العراق أو كما هو حال لبنان.

تستفيد تُركيا من تقطيع أوصال الأكراد ومن اضعافهم باعتبار أكراد سورية ورقة ضغط كان يستعملها النظام السوري ويستخدمها ضدّ تركيا كلما اختلف البلدان وتنظر تركيا كما تنظر الأكثرية السورية الى مستقبل جديد لسورية لا تتحكم فيه نزعة الهويات والأقليّات وخاصة ان هذه الجهات وقفت على الحياد ان لم تكن متعاطفة مع النظام وغير منخرطة في صفوف المعارضة .

لقد وقفت الأقلية الكردية على التل في الحرب الدائرة في سورية انتظاراً منها للغالب من الفريقين حتى تقطف ثمار حيادها في حرب ضروس الاّ أن مسعود برازاني قدّ دفع داعش الى الثأر من الأكراد عندما واجه امتدادات داعش في العراق وهذا ما استغلته تركيا ووظفته لصالح كسب الورقة الكردية السورية باضعافها وتحويل القوّة الكردية الى وهن حقيقي غير قادر على المساهمة في القضية الكردية التي يُسهم الكُرد السوريين في قيادتها المباشرة ضمن تسهيلات كان يوفرها النظام السوري للنيل من الأتراك .

مهما كانت النتائج بين داعش والأكراد الميدانية فالهجرة المكثفة والتدمير المُمنهج للقرى الكردية خسارة مطلوبة لمكوّن سوري ذي بعد اقليمي حسّاس .

لم يفلح وئام وهاب في جرّ دروز سورية الى الحرب السورية من خلال قتالهم الى جانب النظام واستطاعت مواقف جنبلاط السلبية من النظام أن تجعل الدروز غير معنيين فيما يجري  في سورية مثلهم كمثل الأكراد الاّ أن مضاعفات الأزمة السورية على المنطقة بكاملها استدعت الجميع الى المشاركة في الحرب السورية وبأشكال مختلفة وبوسائل متعددة لأن ما يجري في سورية سيرسم مصالح جديدة اذا ما سقط النظام وتبدلت أحوال الحكم في سورية .. من هنا مال جنبلاط وبحماسة شديدة الى دور حزب الله في سورية أيّ أنه وبطريقة غير مباشرة  قدّ وقف الى جانب النظام عندما اعتبر الداعشية أنموذج للارهاب المُدمر للأقليّات في المنطقة وهذا ما سيترتب عليه آثر بالغ الخطورة لدروز سورية لأن مواقفه المفروزة لصالح منطق الأقليّات والأكثرية ستدفع الى "تدفيعه "الثمن المطلوب للأقلية الدرزية في سورية . لذا ليس من المستبعد أن تُشن حرب على الدروز كتلك الحرب المُشنة على الأكراد وبذلك يكون الزعيم الدرزي قدّ ورّط دروز سلطان الأطرش بمعركة خاسرة لا طاقة ولا طائلة لهم بها .

كلما تخلى الزعيم الدرزي عن وسطيته في لبنان وانحاز الى احدى الطائفتين المتقاتلتين في سوريا والعراق سيجد طائفته مهددة وسيلبي بذلك مصالح دول مستفيدة من اخراج الاقليات من سورية, ومصالح سوريين مؤمنين بهوية سورية خالصة وغير " مشوهة" من قبل مكونات صغيرة .

لقد رضيّ جنبلاط بسلطة حزب الله على السياسة اللبنانية وهو يتماهى معها غير آبه بالمعطى الخارجي والسُني تحديداً اندفاعاً منه وراء غلبة شيعية داخلية تصالح معها بعد عداوة وهو يعمل اليوم وفق اختياراتها لذلك سيبادر في الموضوع الرئاسي الى المساهمة في اعطاء حزب الله ما يريده من قصر بعبدا ولكن لهذه المبادرة الجنبلاطية حسابات أخرى في الصراع الدائر في المنطقة وستنعكس سلباً على دروز سورية لهذا ستكون الورقة الدرزية في مهب الورقة الكردية لأن منطق الأقليّات والأكثرية أصبح معتمداً من قبل الأطراف الخائضة للحروب في كل من العراق وسورية ولبنان .