لطالما ناشدنا كما كل الغيورين على لبنان وايران بان تكون العلاقة بين البلدين هي علاقة طبيعية بين دولتين طبيعيتين، ولطالما كان المأخذ الأكبر على النظام الإيراني هو تعاطيه مع الشأن اللبناني فقط من خلال زاروب وكيله الشرعي وممثله الأوحد حزب الله، لدرجة ان الانطباع المرتسم عند باقي الشرائح اللبنانية هو التشكيك الدائم بالنوايا الإيرانية لعدم اعترافها بنهائية الكيان اللبناني فضلا عن الإقرارالفعلي بسيادته وسيادة مؤسساته ونظامه السياسي

هذا الانطباع السلبي لم يكن وليد اللحظة، بل كان من خلال تراكم سلوكي مورس منذ ما بعد الثورة الخمينية ورفع شعار تصدير الثورة وقدوم الوية من الحرس الثوري الايراني الى لبنان وتمركزها في ثكنة الشيخ عبدلله في بعلبك بعد ان تم " تحريرها " من الجيش ،  واذا ما كان الدعم الإيراني والاحتضان الكلي في مراحل سابقة لطرف دون بقية الاطراف يمكن ان تجد له مبررا بعد إلباسه عباءة المقاومة وفي ظروف املتها حقيقة الغياب الكلي للدولة اللبنانية واستقالتها من وظيفتها الأساس في مواجهة المحتل وحماية مواطنيها ،

الا ان الاستمرار في نفس المنهجية بعد اتفاق الطائف ( 30 أيلول 1989 ) وانتهاء الحرب الاهلية،  وبالأخص استمرار هذا النهج بعد الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان ( 23 ايار2000 )، لم يعد له الا معنى واحد وهو تقويض واضعاف الدولة اللبنانية الرسمية لصالح قوة حزب الله وبالتالي الإمساك بالقرار اللبناني وفرض السياسات الإيرانية على لبنان ومنه على المنطقة لمصلحة النظام الإيراني ، وبمعنى اخر فقد تحولت ايران بنظر معظم اللبنانيين من دولة شقيقة ساهمت وساعدت في تحرير الجنوب الى دولة محتلة تمارس احتلالها على انقاض مؤسسات الدولة اللبنانية ، حتى ان الكثير من اللبنانيين راحوا بالتشكيك الى ابعد من ذلك عبر القول بان المقاومة أساسا انما أنشأت ودعمت ليس بهدف تحرير الأرض والصراع مع العدو بل لاستعمالها كرافعة من اجل تثبيت الاحتلال الإيراني ليس الا،

ومن هنا يأتي اهمية ما اعلنه الأمين العام لمجلس الامن القومي الإيراني عن هبة عسكرية للجيش اللبناني ، فبغض النظر عن قيمة هذه الهبة وحجمها وفعاليتها ،وبانها على الأكيد  لن تحدث فارقا في موازين القوى العسكرية بين مؤسسة الجيش وحزب الله  وبغض النظر عن جدية وجود هبة أصلا او انها مجرد رد اعلامي على الهبة السعودية ، وبغض النظر أيضا عن التسييل السياسي المتوقع لهذه الهبة المفترضة في ظل لحظة تحولات كبرى تشهدها المنطقة ،، الا ان نفس هذا الإعلان عن الهبة يمكن اعتباره بشكل او بآخر هو بمثابة اعتراف اولي بالمؤسسات الرسمية،  وبالتالي يمكن لتصريح شمخاني ان يشكل مدماك اول للرد على زميله نائب طهران علي رضا زاكاني، وهذا جيد .