ربح حزب الله ما خسره في السياسة الداخلية الطائفية وفي تمذهبه وفي قتاله الى جانب النظام في سورية من خلال معارضيه القاصرين عن بلوغ أهدافهم في المعارضة واللاهثين وراء تحيّة لمسؤول صغير في الحزب والطامعين والطامحين به الى تسويات تعيدهم الى مسؤوليّاتهم التي فقدوها بفعل فعلهم المرتجل ودون دراية منهم أو علم ينقذهم من مواقف مكلفة لا طاقة لهم بها .

باع سعد الحريري ما اشتراه من خصومة سورية بلقاء مرتجى مع رمز حزب الله وتناس اشتراطاته المتكررة منذ ثورة الأرز ولم يعد السلاح والمحكمة الدولية والدويلة ثوابت لتيّار أستفاق دغشة على معارضة يفتقر الى أدواتها بعد أن نما وترعرع بأحضان السلطة .

أنتعش الرئيس سعد الحريري لحظة منحه كرسيّ والده الشهيد وفتح ملف التوافق والتشارك وخلع ثوب الثأر الذي عاد له بعد أن خسر الكرسي بانقلاب أبيض عليه من قبل حلفائه أولاً ومن قبل أخصامه ثانية .ولما استبعده حزب الله تحصّن في الشعارات التي استهلكها منذ شهادة الشهيد رفيق الحريري ورفع سقف المطالب للعودة والمشاركة وسرعان ما عاد الى سيرته التسووية بعد أن رمى الحزب طعماً سياسياً التقطه جائع من عابري السبيل فأشبع غريزته في السلطة وكانت حكومة سلام الجانحة الى معادلة مسلمة بدور حزب الله المتجاوز لامكانيّات شريك مكتفي بطعم السلطة .

كانت خصومة وليد جنبلاط لحزب الله حادّة جداَ ومتطرفة انسجاماً مع طبعه المائل دائماً الى الأقصى وطلق المقاومة بعد أن أصبحت أداة استراتيجية في يدّ الايراني والسوري ونتيجة لأسباب معروفة, شخصية وطائفية, وبعد أن تبيّن له كذب الادارة الأمريكية في الوعود الداخلية والخارجية عاد الزعيم وليد جنبلاط الى "بوصلة " الرئيس بري واشترى طريق الشام بمذلة لا تليق بزعيم بعد أن عبّد طريق الحارة- بئر العبد توصلاً الى حل مرض لسورية ولحزب الله .

بعد الثورة السورية مال جنبلاط لها وحافظ على علاقته مع المقاومة وانتهج الوسطية في سياسة تلبي مصالح حزب الله وكانت حكومة ميقاتي أول عمل قام به جنبلاط للتكفير عن ذنوبه وآثامه المقترفة بحقّ الحزب وسورية . واستمر جنبلاط على ما هو عليه من وداعة مع حزب الله وصولاً الى الفراغ الرئاسي الذي شارك فيه طوعاً حتى لا يخسر رضا الحزب .

جاءت أمسى زيارة كتلة الوفاء للمقاومة لوليد جنبلاط لتنعشه ولتسري في نسغ سياسته مصلاً خاصاً يُفرحه ويؤنسه من وحشة طريق لا يسلكه حزب الله عوضاً عن دورها في تحفيز الدور الجنبلاطي المصطدم بجداري جعجع- عون وامكانيّة البحث عن خيار ثالث أو الالتزام برئيس بمواصفات الحزب ضمن صفقة ينتظرها  جنبلاط بفارغ الصبر .

المسيحيّون في صف14آذار لم يهرولوا تجاه حزب الله وبقيت الكتائب على مواقفها من حزب الله رغم وجود ممرات آمنة وسالكة بين الحزبين ضمن تعاطي محفوف بالخطورة لصعوبة تسيل الخلافات بينهم بتسوية لا أرضية لها لتباعد  المصالح وعدم وجود مشتركات تُذكر . في حين استمرت القوّات اللبنانيّة على سجيتها من حزب تعتبره أمّ الأزمات في لبنان وتعتبر التنازل له تنازل عن السيادة والحرية والاستقلال .