رفع الهجوم الجوي الغربي - العربي على مراكز تجمع "داعش" في الرقة شمال الحدود السورية مع العراق نسبة القلق لدى المسؤولين حيال التداعيات السلبية للأزمة السورية التي ادت حتى اليوم الى نزوح نحو مليون ونصف مليون الى لبنان وانتشارهم عشوائيا في انحاء مختلفة من البلاد، في مقابل عدم وفاء بعض الدول المانحة بما التزمته من تقديم مساعدات مالية اليهم رغم الدعوات اللبنانية الرسمية والدولية ولا سيما من المسؤولين في المفوضية العليا للاجئين فضلا عن الخلل الامني الذي يبرز من وقت الى آخر في بعض الاحياء، سواء في المدن او القرى والبلديات. ولعل الهجوم الذي استهدف نقاط تمركز للجيش في عرسال وجرودها كان أسوأ مظاهر هذا الخلل". اما الهاجس الأسوأ فيتمثل باخفاق الوساطة القطرية والتركية للافراج عن العسكريين المختطفين من جيش وقوى امن داخلي.

 

ويأمل المسؤولون في عدم اقحام لبنان في الهجوم الذي تشارك فيه 7 دول عربية من دول "مجلس التعاون الخليجي" الست والاردن. لكن المسلم به ان القيادة الجوية هي أميركية، واللافت انها المرة الأولى تشارك في الهجوم الجوي مقاتلات من اسلحة تابعة لدول عربية على اهداف تقع في دولة عربية يصنفها قادتها بأنها عدوة وتعمل منذ نحو ثلاث سنوات على إسقاط رئيسها وفشلت. سكتت دمشق عن الهجمات بعدما كانت رفعت صوتها محذرة من انها ستكون بمثابة خرق للقانون الدولي واعتداء على سيادة الدولة السورية. سارعت روسيا الى تأييد سوريا في موقفها الا ان المضادات السورية الروسية الصنع لم تحاول التصدي لمقاتلات التحالف الدولي - العربي رغم ان الدولتين دأبتا على رفض هذا النوع من الهجمات منذ ان اعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما قراره بضرب "الداعشيين" في العراق وفي وقت لاحق في سوريا، وتأخر في تنفيذ قراره الى ان وافق الكونغرس على طلبه.

 

ولاحظ المسؤولون ان عدم رضى موسكو ودمشق بقي لفظيا، حتى ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم كشف ان الاميركيين ابلغوه بواسطة العراق انهم سيقصفون في بلاده اهدافا لـ"داعش". وقال ان "هذا التنظيم هو عدو مشترك، والنظام السوري مرتاح لانه لم يتمكن من القضاء عليه وهو انهك جيشه وسيطر على مساحات واسعة من سوريا ويعتبر انه سيتمكن من القضاء على قواته في البر عندما سيتوقف هذا الهجوم، مع الاشارة الى ان التحالف ينسق مع المعارضة وهو خصم للنظام. وليس واضحا بعد ما اذا كان سيستهدف ما تبقى من سلاح الجو السوري الذي يشكل الدعامة الاساسية لاستمرار النظام، او سيترك الامر لسلاح جو مجلس التعاون الخليجي مع الاردن الذي يمكن ان يشكل نواة لقوة عربية رادعة لأي زعزعة للاستقرار في اي بلد عربي. ويتوجس مسؤولون غير سياسيين من ان يلاحق التحالف بهجومه الجوي تجمعات لـ"داعش" وبقية التنظيمات الارهابية التي قد تلجأ الى جرود عرسال او الى قرى تقع داخل الاراضي اللبنانية هربا من القوة الجوية التي لا يملك التنظيم القوة لجبهها. الا ان توجسهم ذهب الى ان الرد على دول التحالف المهاجمة قد يكون على ديبلوماسيين ومقار البعثات الديبلوماسية المعتمدة لدى لبنان من خلال الاغتيال او قصف بالمواد الناسفة، لان سفارات تلك الدول فارغة في سوريا من طواقهما الديبلوماسية والادارية منذ اشتداد المعارك بين النظام والمعارضة على اختلاف انواعها.

 

وأبدى هؤلاء أملهم في عدم المساس بالجنود اللبنانيين المختطفين منذ اكثر من 45 يوما خصوصا ان قطر لم تعد مؤهلة للوساطة بعد مشاركة مقاتلات قطرية في الهجوم امس وربما في تسهيل الطلعات الجوية من القاعدة الاميركية في اراضيها، كما ان الآمال في وساطة تركية بدأت تتلاشى بعد اتخاذ السلطات التركية قرارا بابعاد 1000 مقاتل اجنبي كانوا ينوون التوجه الى سوريا للقتال الى جانب "داعش".