كلما مات يوم ماتت معه قضية العسكريين المخطوفين من قبل النصرة وبرُدت حرارة المواقف من مسألة حسّاسة ومهمّة تلقي بظلال كثيفة على واقع الأزمة في لبنان ,والمفتوحة على خيارات طوائفية تستدعي اعادة النظر في منطق السياسة اللبنانية حرصاُ على السلامة العامة المهددة لبنية الاجتماع اللبناني .

تذرع النصراويّون والداوعشيون بقضة اشكالية لتوريط لبنان بمستنقع الحرب السورية وتجاوبت الحكومة اللبنانية  موضوعيّاُ مع دعوة اطلاق الارهابين مقابل العسكريين لافشال مخطط ادخال النار الى لبنان وهربت من مخطط الفتنة الطائفية في عرسال . الاّ أن الوسيط ورغم امكانياته المتعددة تعثر ولم يحظى بفرصة ثمينة تطلق الموقفين وتفكّ العسكريين من آسرهم والعودة بهم سالمين الى أُسرهم . استُنزفت امكانيّات الداخل اللبناني وراوحت الأزمة مكانها فلا الموقفين الاسلاميين ولا العسكريين اللبنانيين قدّ آلت بهم السُبل الى حلول مرضية . ونشط معنيّون في الدولة على خطّ الوساطة مع دول صديقة للنصرة السورية لعلّ الجهد الأمني يسهم في اراحة اللبنانيين من فتنة الخطف والأسر وما يمكن أن ينتج عن تداعيّات القتل الذي تُهدد بها النصرة العسكريين .

حتى الآن يبدو التوصل الى حلّ مرضي غير متوفر لاعتبارات تدخل في حيّز الاستثمار الذي أردته النصرة السورية في لبنان من خلال خلق جبهة قلق من شأنها توتير الأجواء اللبنانية  دائماً وشحنها بالعناصر اللازمة لافقاد لبنان نعمة المحافظة على استقرار داخلي مقبول رغم ما يُعانيه من علل بارزة في هذا المجال وادخاله طوعاً دوامة الفتنة الطائفية والمذهبية الدائرة رحاها في العراق وسورية . ان المخطوفين العسكريين بالنسبة للنصرة ومن يقف معها ورقة قوية يستثمرونها لتحقيق أهداف كثيرة وفي مقدمتها حماية الجبهة من أيّ خطر أمني سيبرز بعيد الانتهاء من حلّ المشكلة ووضع حدّ لمطالبهم الكثيرة ولاحتياجاتهم المتعددة كما أنها تعكس وسيلة ضغط على اللبنانيين تُكرههم على التجاوب مع مطالبهم التي تتجاوز حدود الموقوفين الارهابيين في السجون اللبنانيّة .

هل هذا يعني أن النصرة في لبنان ضيف مُزعج وظيفته معاينة الأمن في لبنان وتخريب سلمه الأهلي ؟ حتى الآن لا دور للنصرة سوى اللعب على بنية الأمن الاجتماعي لتفتيت عُرى وحدته والعودة به الى ماضيه المؤلم لادخال لبنان ورشة الفتنة المذهبية وبأبعادها كافة لاسقاط دور المقاومة في منع النظام السوري من السقوط .

هل هذا يعني أن لبنان  قدّ دخل  شباك تصفية الحسابات على خلفية الموقف من الحرب السورية ؟

لا شيء في لبنان لبناني فكل خلافاته ناتجة عن خلفيّات الاختلاف في التعاطي مع أزمات خارجية والحدث السوري حدث صعب في لبنان وآثاره تتعدى وظيفة الادوار والمواقف المتباينة منه لأن أثر الحدث السوري فيه بالغ الى حدّ التأشير لمصير لبنان على ضوء الأزمة في سورية .

في العودة الى المخطوفين العسكريين يبدو أن بعض مايُبذل يؤملّ عليه لايجاد نهاية سعيدة ولكن هناك خوف من الجهد المبذول لاعاقة هذا الملف  من خلال ربطه بالاستحقاقات الداخلية وبالحسابات الخارجية وهذا ما يضع العسكريين تحت رحمة سكينيّن احدهما مسمومة بوحشية حيوانية والثانية بأنانية خبيثة تسعى الى توفير مصالحها ولو على دماء لبنانيين شرفاء .