لم يعد امرا مخفيا على احد في لبنان على ان البلد يعيش اليوم ازمة سياسية خانقة ولا حلول قريبة لهذه الازمة رغم التقاربات الاقليمية والدولية، والوضع الامني على كف عفريت في ظل ازدياد المخاطر بسبب تداعيات الازمة السورية وتفاعلاتها، والوضع الديمغرافي وصل الى حد الخط الاحمر في ظل وجود حوالي مليون ونصف مواطن غير لبناني على الاراضي اللينانية بما يعادل ثلث المواطنين اللبنانيين ان لم يكن اكثر، والاوضاع المعيشية والاقتصادية والخدمات العامة تواجه ازمات متعددة.

اذن نحن امام ازمة متعددة الوجوه وعدم انتخاب رئيس للجمهورية والخوف من دخول لبنان للفراغ النيابي والحكومي والسياسي، اذا لم تحصل الانتخابات النيابية امر متوقع نظرا لعدم وجود موقف واضح حتى الان من ملف الانتخابات النيابية لدى معظم الاطراف اللبنانية.

لكن ما الحل ؟ وهل هناك خارطة طريق عملية لمواجهة هذه الازمات المتعددة؟

لا احد من القوى السياسية والحزبية والشخصيات السياسية يمتلك جوابا شافيا وكاملا لتقديم حلول واضحة لهذه الازمات المتعددة، وقد يكون كل طرف لبناني لديه وجهة نظر او اقتراح محدد من اجل المعالجة ، وان كان من الواضح وجود اختلاف وتباين لدى القوى السياسية والحزبية حول كيفية المعالجة وماهي الاولويات.

ازاء هذا الواقع الصعب ، فان الذهاب نحو الحوار الوطني الشامل قد يكون الطريق الاقصر للبحث عن الحلول المناسبة، ومن هنا اهمية المبادرة الاخيرة التي اطلقتها قوى 14 اذار حول الانتخابات الرئاسية وتشكيل لجنة للتواصل مع كل الاطراف اللبنانية.

واذا كان البعض قد اعتبر ان ماطرحته قوى 14 اذار ليس جديدا او لا يحمل اية اطروحة عملية، فان المدقق بما اعلنته هذه القوى يلحظ ان الخيار للذهاب الى الحوار الشامل مع الجميع هو النقطة الاساس في المبادرة الجديدة ، لكن بشرط ان لا يقتصر الحوار على مسألة الانتخابات الرئاسية بل ان يشمل جميع الملفات العالقة وخصوصا تلك التي تمس الوضع اللبناني ، لان اي رئيس سينتخب اذا لم يكن لديه رؤية شاملة لمعالجة الازمة اللبنانية او لا يستند على هذه الرؤية فان الانتخاب لن يقدم  اي حل للازمة القادمة مع اهمية وجود رئيس للجمهورية.

اذن نحن امام ازمة عميقة تطال كل الوجود والنظام  اللبناني والمطلوب البحث عن حلول جذرية للازمة وعدم الاكتفاء بحلول سريعة او انية فقط.

ولذلك فانه اصبح ضروريا اليوم الذهاب الى الحوار الوطني الشامل واطلاق مبادرة حوارية من قبل الحكومة اللبنانية كونها تتولى اليوم مسؤولية ادارة البلاد بالتعاون والتنسيق مع كل الاطراف المعنية، وقد يكون شعور الجميع بالخطر الوجودي  الذي يواجهه لبنان اليوم دافعا للذهاب الى الحوار، على قاعدة :الحوار الآن الآن وليس غدا ، فهل تتابع قوى 14 اذار مبادرتها وتحوّلها الى مبادرة شاملة؟ وهل تلتقط قوى 8 اذار المبادرة وتتجاوب معها؟ وهل تتحرك قوى المجتمع المدني لدعم هذه المبادرة؟ هذا هو المطلوب اليوم قبل الغد.

قاسم قصير