الكلام عن الاخطار المحيطة بنا والتي تستهدف البلد وتنذر بحروب اهلية داخلية على خلفية طائفية ومذهبية لم يعد يجدي لدرء هذه الاخطار وتجنيب اللبنانيين عواقبها وتداعياتها ,بل لا بد من اتخاذ خطوات عملية وعلى الارض تكرس الصيغة التي قام على اساسها الكيان اللبناني وهو العيش المشترك بين كافة مكوناته الطائفية والسياسية والتنوع واحترام الرأي الاخر والتنافس لمصلحة المشروع الوطني وعدم الانزلاق في صراعات وحروب ضيقة في زواريب السياسة والمذهبية لمصلحة مشاريع خارجية والالتفاف حول مؤسسات الدولة وخصوصا مؤسسات القوى الامنية والقوات المسلحة والعمل على رفدها بكل عوامل القوة لتتمكن من حماية حدود الوطن من اي اعتداء خارجي ,واحترام الدستور وكافة القوانين ومنع وقوع البلد في فراغ دستوري وذلك بتنشيط العملية الديمقراطية ,وعدم مصادرة القرار على مستوى الفرد او الجماعة وافساح المجال للتعبير عن الرأي بكل حرية واحترام والتداول السلمي للسلطة للوصول الى قيام الدولة القوية دولة القانون والمؤسسات التي تحمي المواطن وتصون حقوقه .

    وفي هذا السياق يأتي كلام نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم حيث قال ((لدينا فرصة للاتفاق بدل انتظار التعليمات وبأمكاننا ان نهتم ببلدنا بدل تسخيره لخدمات وطموحات اقليمية ,وان من ينتظر الحلول الاقليمية لمعالجة قضايا لبنان سيطول انتظاره ...والواقع اللبناني يتطلب حدا من التفاهمات التي يربح منها الجميع ,والحل الوحيد هو تفاهم الاطراف المختلفة .)).

     هذا الكلام هو كلام جميل ومثالي خاصة وانه يصدر عن مسؤول بحجم الشيخ نعيم قاسم ولكنه يحتاج لمن يترجمه على ارض الواقع . وكي لا يبقى كلاما طوباويا ويسبح في بحور الاحلام والامال لا بد من التأسيس عليه واتخاذه منطلقا للدخول الى معالجة المشاكل المتراكمة وتسهيل انجاز الملفات العالقة . والانطلاق يبدأ من حزب الله لما يتمتع به هذا الحزب من مقومات القوة الميدانية والمعنوية على الساحة اللبنانية ,وبداية الطريق تكون بالاسراع في انجاز ملف الاستحقاق الرئاسي لأن انتخاب رئيس للجمهورية يمهد الطريق لاجراء انتخابات نيابية على اساس قانون عادل ومتوازن يؤمن التمثيل الصحيح لشتى فئات الشعب بحيث يشعر كل مواطن في مكان ما انه معني باحترام بلده وقوانينه ومؤسساته وبالتالي حمايته وصيانته من اية اخطار خارجية قد تهدده لأن اي تهديد للبلد هو تهديد لامن المواطن ولمستقبله ومستقبل ابنائه .

    فالكرة في ملعب حزب الله فهل ينتقل من دائرة القول الى دائرة الفعل  ويسهل عملية انتخاب رئيس الجمهورية ويساهم في تحييد البلد عن الصراعات الاقليمية وذلك بالبدأبعملية سحب عناصره ومقاتليه من آتون الحرب السورية ,وبذلك يسجل له التاريخ موقفا وطنيا عظيما وانتصارا رائعا لا يضاهيه الا الانتصار عام /2000/عندما خرج العدو الصهيوني من لبنان مدحورا مذموما يجر اذيال الخيبة والهزيمة .

                                 طانيوس علي وهبي