أشار رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن الى أن ملف اختطاف العسكريين بات في عهدة مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم بعدما تحولت القضية برمتها الى الأطراف الاقليمية نفسها التي بحث معها بملف إطلاق سراح مختطفي أعزاز، معتبرا أنّه "من الطبيعي أن ينقطع التواصل بين العلماء المسلمين والجهتين المسؤولتين عن الإختطاف: النصرة وداعش، بعد إنسحاب الوسطاء المحليّين في عرسال، باعتبار أنّهم كانوا يتواصلون بالواسطة التي غابت أخيرًا".
وأعرب الخازن، في حديث لـ"النشرة"، عن اطمئنانه لجهة عدم تكرار أحداث عرسال مجدّدًا، وقال: "أعلم عِلم اليقين أنّ أحداث عرسال لن تتكرّر بحكم قبضة الجيش على أمنها، وهذه المرة من داخل البلدة ودعم الأهالي لإجراءات المؤسسة العسكرية". وأضاف: "مثلما إستتبّ الأمن في طرابلس، نتيجة تحرير المحاور من المتحكّمين فيها والإرادات السياسية الجدية، فلا خوف من عودة الفوضى الأمنية إلى عرسال وطرابلس وسط إلتفاف عارم حول الجيش والتأكيد على الخطوات التي يتخذها".
 

لا مصلحة لأحد بتخريب الساحة
ولفت الخازن الى مخاوف "من بعض النتؤات على الوضع الأمني  التي يمكن أن تُستَغل في نطاق سَبق واستُغلت فيه في صيدا لأنّ المخيّمات التي تؤوي مسلّحين أغراب داخل مخيّم عين الحلوة هي البؤرة التي تهدّد الإستقرار لِما لها من علاقةٍ ببوابة الجنوب وسط الإنقسام العمودي السائد أصلاً على الأرض هناك، إلا أنه يبقى ممسوكًا بالغطاء السياسي الذي تؤمّنه الحكومة الممثّلة فيها كل الأطراف للمؤسسة العسكرية والأمن الداخلي لعدم التردّد في إتخاذ أي إجراء سريع إذا ما طرأ ما يعكّر صفو الأمن هناك".
أما بما يتعلق بالوضع الأمني عامةً، فاعتبر الخازن أن "ليس ما يؤشّر إلى نيات خارجية في هزّه ولا داخلية في إضطرابه لأن لا مصلحة لأحد في تخريب الساحة الداخلية".

 

ازدواجية بين بعض القوى السياسية
وتطرق الخازن لملف التمديد، متحدّثاً عن "إزدواجية بين بعض القوى السياسية التي تعلن قبولها أو رفضها التمديد مجدّدًا لأن لا معوق يحول دون إجرائها في موعدها في 20 تشرين الثاني"، ناقلا عن رئيس المجلس النيابي نبيه بري عدم رضاه عن التمديد هذه المرة، إذ ما الفائدة من المجلس الحالي ما دام معطّلاً الإنتخابات الرئاسية، وقانون إنتخابي جديد، وسلسلة الرتب والرواتب، وخصوصًا التأخير الحاصل في الضغط على ملف تلزيم شركات نفطية لإستخراج الغاز والنفط، هذا المورد الحيوي والمصيري لحل مشكلات لبنان الكبرى في الديون والأوضاع الإقتصادية المتردية، وإخراج الموازنة من المراوحة ليستقيم الوضع المالي في البلاد".
واعتبر أن لا شيء يمنع إجراء هذه الإنتخابات في موعدها الدستوري المقرّر لتجديد الحيوية في العمل النيابي الراكد بل الغائب عن سمع المواطنين حاليًا.

 

إنتخاب رئيس للجمهورية هو الأولوية
وردًا على سؤال عمّا إذا كان مِمّن يشترطون حصول ا لانتخابات الرئاسية  قبل تلك النيابية، قال الخازن: "للإنتخابات الرئاسية مدلول مهم في هذه الظروف المصيرية التي يتعرّض فيها المسيحيون، وحاليًا في العراق، وعمومًا في المنطقة لتهجير جماعي يُخشى معه تغييب وجههم في معادلة العيش التاريخي بين المسيحيين والمسلمين". وأشار إلى أنّ "المسيحية متجذّرة في هذا الشرق ووجودها ليس مهمًا لنفسها فقط، بل لشركائها المسلمين في وجه المحاولات التي تستهدف الحوار المسيحي- الإسلامي والذي يمثّل لبنان ذروته في مبدأ التعايش والتفاهم والإقرار بالشراكة الدائمة".
ورأى أنه، وبما أنّ "إنتخاب رئيس للجمهورية هو الأولوية للحفاظ على هذه الأمانة، فأحرى بأن يكون حاجة ملحة للبنان ولمسيحيّي الشرق ليخاطب من موقعه التمثيلي المجتمع الدولي بما يتهدّد هذا المصير".
وأشار الخازن إلى أنّه، حتى ولو تأخرت بأن الإنتخابات الرئاسية عن موعدها، "إلاّ أنها حتمًا ستُجرى بدفعٍ خارجي نظرًا لحساسية إجرائها على وجه السرعة في مثل هذه الظروف الدقيقة"، متوقعًا أن تتم في تشرين الأول "لتكون تمهيدًا لتحديد مسار الإنتخابات النيابية فور إنتهاء المجلس النيابي من إقرار قانون إنتخابي جديد يتمتع بالصفة التمثيلية الحقيقية ويحافظ على التوازن الطائفي في البلاد".

 

لا خوف على مسيحيي لبنان
وتناول الخازن ملف مسيحيي العراق، فرأى أنه "من الواضح أن "داعش والنصرة" فورة غريبة وسط مجتمعات إسلامية لا تعترف بأساليبها المتخلّفة والتي هي أدهى من أساليب طالبان في أفغانستان، وأصبحت نتيجة جرائمها الوحشية مطلوبة دوليًا ومطاردة ومنبوذة، ولا بدّ من التخلّص منها بمساعدة المجتمعين العالمي والإسلامي". واعتبر أن "لا مجال لوضع حد لمأساة مسيحيي العراق إلاّ بعد وضع حد لإجرام داعش والقضاء على هذه الظاهرة التي تستفز القيم والأديان والإنسان في كل مكان، فمتى تمّ إجتثاث هذه الآفة الفتاكة يعود اللاجئون المسيحيون في كردستان إلى مناطقهم التاريخية في الموصل ونينوى".
أما من ناحية التخوّف على مسيحيي لبنان، "فهو أمرٌ غير وارد لأنّ شركاءهم المسلمين متمسّكون بمبدأ العيش والتفاهم، وإن فرّقتهم الأسباب السياسية في مراحل معينة، فليس ما يحمي هذه الشراكة التاريخية بين المسيحيين والمسلمين إلاّ تضامنهما معًا في التصدي للإرهاب بكل فظائعه المروعة التي تُرتَكَب في سوريا والعراق والتي حاول تصديرها إلى لبنان من خلال أحداث عرسال لولا العناية الإلهية ومسارعة الجيش إلى دحره ورده إلى نحره إلى ما وراء الحدود".