الشيخ مصطفى الحجيري «ابو عبادة» او «ابو طاقية» لمع نجمه في سماء لبنان وفي سماء عرسال خصوصاً ان البعض يعتبر انه مسؤول عما جرى في عرسال منذ الحادثة الاولى التي استشهد فيها النقيب بيار بشعلاني ومرافقه في شباط 2013، اضافة الى معركة عرسال الاخيرة التي ادت الى استشهاد عدد من خيرة الضباط في الجيش اللبناني واختطاف عدد من عناصره ومن قوى الامن الداخلي كما أنه مطلوب من العدالة.
«ابو طاقية» كما تؤكد مصادر متابعة للحركات الاصولية ان الاستخبارات الاميركية تعتبره رمزاً من رموز «القاعدة» في لبنان كما يعتبره البعض ضابط الارتباط بين «جبهة النصرة» والعناصر الأصولية، وانه كان من يحمي ابو احمد جمعة الارهابي الذي اثار اعتقاله معركة شرسة بين الجيش اللبناني والمجموعات الارهابية اطلقت عليها لقب «حرب عرسال» لضراوتها كما ان جحافل الاسلاميين التي هاجمت القوى العسكرية اكدت باعدادها المتدفقة الى ان للرجل اهمية بالغة في التنظيمات الاصولية كما ان تنظم «داعش» اتفق ونسق وخطط بالاشتراك مع «جبهة النصرة» رغم العداء الدموي.
من هم أحمد جمعة؟
اذا من هو احمد جمعة، ومن هو هذا القيادي الذي دفع بـ«ابو بكر البغدادي» زعيم الدولة الاسلامية الى التدخل شخصياً من مقر اقامته المجهول، ليشرف على المعارك في جرود عرسال، فالرجل الذي قبض عليه الجيش اللبناني يعتبر صيدا ثميناً في عالم المعلومات الامنية وما ردة الفعل الشرسة للمنظمات الا دليل واضح على أن ابو احمد جمعة ليس قيادياً عادياً.
كما ان المعلومات التي تداولتها بعض الاوساط المرتبطة بالملف السوري واحداثه الامنية تؤكد أنه خبير بارع في تصنيع الاسلحة وتحديدا الصاروخية منها، وانه نجح في مراحل سابقة في تطوير صاروخ ارض - جو واستطاع المقاتلون عبره اسقاط طائرة حربية. كما ان هذه الاوساط تفيد بأن عماد جمعة اي ابو احمد جمعة هو «امير الدولة في لبنان» لذلك فهو كثير التردد على لبنان عبر عرسال لنقل الجرحى وتفقدهم في المستشفيات.
كما ان جمعة قيادي رفيع في منظمة «فجر الاسلام» المقربة من «جبهة النصرة» لكن مؤخراً بايع جمعة تنظيم «داعش» كما انه شارك في معارك ضارية مع الجيش العربي السوري وقوات «حزب الله»، كل هذه الامور حملناها الى الشيخ مصطفى الحجيري «ابوطاقية » الذي كانت البداية بسؤاله عن تعريفه لنفسه حيث اكد انه احد ابناء عرسال، متعلم، صاحب شهادة ماجيستر في علوم الشريعة، امام خطيب في مسجد عرسال يعمل في الدعوة منذ 30 عاماً.
وعن الاسئلة التي تطرح عن ادواره في ما يجري في عرسال، أكد ان احداث عرسال كانت مفاجئة وغير محسوبة ومجرد توقعات، واسمه تم تداوله كثيراً لانه للاسف الجميع تخلى عن واجبه بشكل بآخر ولم ينزل احد بوجه المسلحين المعتدين على اهل عرسال غيري انا واولادي والاشخاص المقربين مني، خصوصاً ان الجميع اداروا ظهورهم واختفوا، لا سيما وان هناك وجهاء كما يقال ومسؤولين تخلوا عن واجباتهم، اما انا فقد وقفت مع اهل بلدي والعرساليين، وحاولت على قدر استطاعتي ان انقذ ما يمكن انقاذه والحمد لله استطعت منع اللصوص من اقتحام البيوت كما استطعت فك اسر العديد من ابناء عرسال، والجميع يتفرجون.
المسلّحون ليسوا مجموعة واحدة
اما عن هوية المسلحين الذين تحدث عنهم، فأكد الشيخ الحجيري ان المسلحين ليسوا مجموعة واحدة وان جميع المسلحين الذين كانوا في جرود البلدة انتقلوا الى ارض عرسال، وهناك بعض الناس استغلوا هذا الامر.
وعما اذا كانوا واعين لهذا الامر ليستدركوه، شدد على ان الامر كان مفاجئاً وان اخباراً وصلتهم عن امكانية حدوث شيء في المنطقة، لذا قام بمبادرة مع بعض ابناء البلدة وقصدوا المسلحين في الجرود، وناشدوهم بعدم الدخول الى لبنان، لكن ما حصل انه بعد اعتقال ابو احمد جمعة الذي هو قائد مجموعة، كانت ردة الفعل مفاجئة ثم تطورت الاحداث دراماتيكياً ولم يعد بمقدورنا ضبطها.
ولفت الشيخ الحجيري الى ان جمعة هو قائد «لواء فجر الاسلام» وهو حسب الشريط المصور الذي ظهر في الاعلام انه بايع «الدولة الاسلامية في العراق والشام» كما جماعته، وهو كان قاصداً اهله في عرسال واعتقل، والاجهزة الامنية هي التي تستطيع الكشف ان كان قام بعمل امني في لبنان ام لا وهو يعتبر ان ما قاله نشرته وسائل الاعلام وهو لم يكشف اموراً امنية.
وعن تصنيفه للتنظيمين «النصرة» و«داعش» شدد الشيخ الحجيري على انه ليس مهما ما يعتبره، بل المهم ما يفعلونه على الارض لان افعالهم تدل عليهم، فبالتالي اي شخص او مجموعة يحكم عليها بما تمارسه على الارض من افعال، والحقيقة ان العسكريين الذين اطلق سراحهم كانوا عند «جبهة النصرة» وكان هناك نوع من الليونة في تعاملهم معنا خصوصاً انهم اطلقوا 8 عسكريين من دون مقابل، وفي حين ان «الدولة الاسلامية» لم تبادر الى اطلاق اي عسكري، وكذلك بالنسبة الى قرار الانسحاب فان «النصرة» هي من اتخذت هذا القرار بداية، وهذا لا يعني اننا نؤيد او نتبنى اية جماعة، انا اصف حالة وانقلها كما حصلت.
وبالنسبة لعدد العسكريين المخطوفين، اكد الشيخ الحجيري ان هناك 20 عسكرياً لدى «النصرة» واطلق سراح اثنين منهم،اما لدى «الدولة الاسلامية» كان لديهم 7 ضموا اليهم 4 عسكريين وكما افادوا ان لديهم جثة احد العسكريين.
كما اكد ان العدد الذي كان بمنزله اكبر من هذه الاعداد وانه استطاع ان يطلق سراح العديد منهم ولكنه لم يستطع اطلاقهم جميعاً، لذا فهو يطلب من الجميع عدم تحميله اكثر من طاقته، وهو تم تحميله مسألة اختطاف العسكريين، ولكنه لم يستطع خصوصاً ان المسافة التي تفصل منزله عن اقرب حاجز للجيش اللبناني هي حوالى 2 كلم، فضلاً عن ان هذه المسافة كانت تعج بالمسلحين ولاسيما وان منزله كان مطوقاً بالمسلحين، وهو عندما استلم العسكريين منعوه من اطلاق سراحهم، لانهم ارادوا هم ان ينظروا بأمرهم.
وعن كيفية وصول العسكريين الى دارته اكد الشيخ الحجيري انه كان في دار البلدية مع رئيسها الشيخ علي الحجيري فاذا بأحدهم يتصل به ويقول له ان فصيلة الدرك مطوقة وهم يطلقون عليهم النار، فتحرك هو والشيخ علي واتصل بأولاده وعندما وصلوا رفع احد المسلحين السلاح في صدر رئيس البلدية الذي انسحب، وهو بقي واذ بدم عند باب المغفر، وتبين انهم قتلوا كمال عز الدين احد ابناء عرسال، ووجدت عناصر قوى الامن بحالة سيئة وهذا يمكن تصوره عندما تكون العناصر المسلحة توجه اسلحتها باتجاههم وتهددهم بالقتل، فحصل تلاسن بينه وبين المسلحين، وهدد اكثر من مرة بالقتل وهذا سيقوله للمرة الاولى للتاريخ، وقد اكد لهؤلاء المسلحين انهم يمرون على جثتهم قبل ان يقتلو اي عنصر من المغفر، وسيأتي اليوم الذي تظهر فيه الحقيقة.
وتابع الشيخ الحجيري ان «المسلحين انقسموا بين من يريد ان يترك لي حرية التصرف وبين من لا يريد، ولكن بعد جدل اتفقوا على ان انقل العسكريين الى منزلي ويكونون بمثابة امانة لدي وتحل فيما بعد القصة، وقد ركب بعض العسكريين في سيارتي والبعض الآخر بسيارة بيك آب لجماعة ابو احمد جمعة، وعندما وصلنا الى باب دارتي قال لي نائب ابو احمد جمعة، لديك حتى الساعة التاسعة ليطلق سراح جمعة او سأقتحم المنزل وآخذ العسكريين فرديت عليه انه لن يدخل الا على جثتي، في هذه الحالة اهتممت بالعسكريين وخرجت الى الاعلام وذكرت ان هؤلاء العناصر هم ضيوف لدي، وكنت اظن انه خلال ساعات ستحل الامور ويعود العسكريون الى مراكزهم».
إخراج العسكريين من البيت كان مستحيلاً
لكن الاحداث اضاف الحجيري تطورت دراماتيكياً، عندما بدأ المسلحون يهاجمون حواجز الجيش وبدأ القصف على عرسال والمخيمات واحترقت المخيمات، في هذه الحالة لم يكن من الممكن اخراج العسكريين من البيت لاننا سنقتل جميعاً، خصوصاً ان المسلحين منتشرون في كل ساحات عرسال، وانا خرجت الى الاعلام واكدت اننا واهل عرسال مختطفون، ومرتهنون، لان قرار البلدة ليس بأيديهم، ولم يعد باستطاعة احد الخروج من منزله وبدأ المسلحون باقتحام البيوت، وتحولت عندها الى شرطة بلدية، لانقاذ ما يمكن انقاذه وهذا الامر واجبنا.
اما كيف وصل عناصر الجيش الى دراته فأكد ان عناصر قوى الامن الداخلي هي فقط من كانت في دارته اما عناصر الجيش المصابة فقد نقلت الى المستوصف الذي أقمته في دارتي. والباقون اخذوا من مراكزهم ونقلوا الى الجرود، وهنا بدأت مرحلة جديدة هي محاولة ما يمكن انقاذه ومحاولة اطلاق سراح اكبر عدد منهم، ولا اخفي كان هناك جهة تعمل في الواجهة واخرى في الكواليس وقد تمكنا من اطلاق 8 عسكريين.
وعن كيفية وصول المطلق سراحهم الى دارته، رد الشيخ الحجيري انهم كانوا يوصلونهم الى اطراف البلدة.
وهل ان كان باستطاعته اجراء وساطة بعد توقف وساطة هيئة العلماء المسلمين، اكد الشيخ الحجيري انه طالما هناك امل لن يوقف وساطته وسيحاول، وسيستمر بمحاورتهم ليتمكن من اطلاق حتى واحداً منهم وهذا شرف له، وهو لم يوقف وساطته.
وعن ان بعض العسكريين انتموا الى «جبهة النصرة» لا يعلم هذا الامر وان كان البعض اعلن انشقاقه كسامح عز الدين، ولكنه رأى من خلال الشريط المصور للعسكريين ان هناك استياء واضحاً لدى هؤلاء بأن الدولة متلكئة.
وعن تصنيفه بانه رمز من رموز «القاعدة» في لبنان» اكد الشيخ الحجيري انه للاسف هناك بعض الشاشات تفتقد الى المصداقية، خصوصاً عندما يقولون انني اكفر الشيعة وابيح دمهم، هذا الامر يطرح السؤال عن مذهب الدكتور ماجد القاضي الذي تمكنت بعد 20 يوماً من جهود مضنية من اطلاق سراحه، والذي كانت ظروفه صعبة جداً، واتمنى ان يتم التواصل معه، ليخبر كيف قضيت وقتي في الجرود لاطلاق سراحه وكيف كانت شروط التفاوض صعبة، على الرغم من ان اهله كانوا على استعداد للتسول ليدفعوا فدية لاطلاق سراحه واستطعت تحريره من دون دفع اي فلس، واستطعت ان اخلصه من هلاك محتم، وكذلك الامر بالنسبة لثلاثة اشخاص من عائلة مسيحية من آل نصر الله من رأس بعلبك كانوا مختطفين في يبرود قبل سقوطها واستطعت اطلاق سراحهم، فكيف لي ان اكفر وانا اعرض نفسي للخطر خصوصاً ان الطيران يقصف ليل نهار المنطقة لاطلاق سراحهم، وان شرطه هو ان لا يجتمع الناموس والفلوس، وهو قضى 4 ايام في جرود عرسال لاطلاق سراح القاضي.
اما بالنسبة لمطالب التنظيمين لاطلاق سراح العسكريين خصوصاً انه قضى 4 ايام في الجرود مع هؤلاء المسلحين، اكد الشيخ الحجيري انهم سربوا لهيئة العلماء المسلمين شرط اطلاق سراح جمعة وبعض الاسلاميين، لكنهم يبدو انهم تخلوا عن هذا الامر على الاقل بالنسبة لـ«جبهة النصرة» ان مطلبهم الوحيد انسحاب «حزب الله» من سوريا وهم سيطلقون سراح العسكريين ويتعهدون بعدم الاقتراب من الحدود اللبنانية، وهذا منطق سياسي بحت، بعد ان وردتهم من الدولة اللبنانية اجوبة ان بعض الاسلاميين ربما ارتكبوا جنايات.
وختم الشيخ الحجيري مقابلته بتوجيه رسالة الى كل اللبنانيين، اذا كان الصدق عند بعض الناس ينجي فأنا اقول انه ينجي، تعالوا لنجلس ونتفاهم هذا البلد للجميع ولا احد يمكن ان يلغي احداً ولا مطلوب من احد ان يهجر احداً بغض النظر عن انتماءاتكم المذهبية والسياسية والعقائدية، خصوصاً ان النار اصبحت قريبة منا وان وصلت ربما لن نستطيع اخمادها.

كلاديس صعب