بماذا تفيد حركة النائب وليد جنبلاط المكوكية؟ وما نتيجتها حتى الان؟   - لا أوهام لدينا. لا يستطيع وليد جنبلاط ولا غيره بمفرده ان يخرج البلد من هذا المأزق. ميزة جنبلاط انه يقرأ جيدا وبسرعة، ولديه مرونة استثنائية وقدرة على التعامل مع الاحداث والتطورات عندما يقرأ او يستقرىء عاصفة او ما شابه. فكيف اذا كان يرى الواقع على الارض ، كما يراه كل مواطن في العالم العربي وخارجه؟ اراد ان يقول لكل الناس علنا، يا جماعة هذا ما نواجهه، وهذا ما هو آت الينا، وهذا خطر على الجميع، الا يستحق كل ذلك ان نجتمع ونلتقي ونفكر بعقل جماعي ونتحرك ونقوم بعمل ومبادرات جماعية؟ لا بد من ذلك.   ثمة خصوصية ايضا في حركته الاخيرة، هي التوجه نحو القيادات المسيحية لسببين رئيسيين:   اولا لأن هذه القيادات هي المعنية مباشرة بخصوصية الواقع اللبناني، بمسألة رئاسة الجمهورية، وعدم بقاء البلد في هذه الحال وبلا رئيس. وهذا سبب في ذاته يستوجب نقاشا ومحاولة تفكير جماعي وبعقل بارد للخروج من المأزق.   ثانيا، نرى جميعا ما يواجه المسيحيين في المنطقة من سوريا الى العراق، والواقع الصعب في مصر، الى الايزيدين وطريقة التصرف معهم، وفي اسرائيل لم يعد ثمة وجود مسيحي، وهي مهد المسيحيين. والباقي فقط هو الخصوصية اللبنانية . عندما خرجت اصوات من فرنسا ومن بعض الدول في اوروبا وخارجها تقول نحن مستعدون لاستقبال اللاجئين المسيحيين او الذين طردوا من منازلهم، استذكرنا جميعا مشروع نقل المسيحيين من لبنان بالبواخر باقتراحات من الاميركيين وبعض الغرب. اليوم ثمة دول بدأت عمليا تنفذ هذه الحالة. هل نترك الامور على ما هي فتصل الى مزيد من الضعف والانقسام والتشرذم، وبالتالي يتجدد هذا الخطر؟ لذلك تحدثت، عن الخصوصية المسيحية في لبنان.   ■ كيف كان تجاوب المسيحيين مع طرحه، وخصوصا العماد عون؟   - في موضوع الرئاسة الخلاف قائم. في الموضوع الآخر المقاربة مقبولة ومعقولة، بالمبدأ ثمة تفاهم، والقراءة مشتركة على الخطر، وامكان التفاهم على كيفية التعاطي معه ايضا قائمة، وان كان ليس ثمة شيء جاهز. ولكن هذا الحوار عندما يتفق فيه على مبدأ او على عنوان ما، يمكن استنباط الآليات والبرامج والافكار التي يمكن ان تؤدي الى تحقيق الهدف.   جنبلاط ونصرالله   ■ هل غير السيد حسن نصرالله من اقتناعات جنبلاط فلم يعد يرى ان مشاركة “حزب الله” في القتال في سوريا جلبت داعش الى لبنان؟   - لم يقل جنبلاط يوما انها جلبت “داعش” الى لبنان. منذ ان بدأ تدخل “حزب الله” في سوريا كان ثمة خلاف بيننا وبينهم على هذه المسألة. واتفقنا على تنظيم الخلاف، لم نسقطه ولم نقل اننا غيرنا رأينا ، ولم يقولوا انهم غيروا رأيهم، ناقشنا وناقشنا ولم نصل الى قراءة مشتركة. لكن هل نسقط الايجابيات الموجودة والتي يمكن ان تظهر امامنا في سياق مقاربة امور سياسية لبنانية معينة او اجتماعية او مطلبية او ماشابه، لأننا مختلفون على الموضوع السوري؟ قلنا لا، نثبت الايجابي ونذهب الى معالجة السلبي. كنا في الحكومة السابقة، وفي الحالية الآن، نسعى الى تنظيم الخلاف، لكن لم نسقط الايجابي والمشترك.   ■ لماذا يرى البعض ان هناك تغييرا في موقف جنبلاط؟   - لا تغيير. حتى بعدما التقى السيد نصرالله قال جنبلاط كنت اقول ولا ازال بضرورة اعادة تصويب وجهة بندقية المقاومة، لأنه في رأينا يجب ان تصوب ضد اسرائيل. ولكن في سياق هذا الخلاف حصل تطور كبير وخطير هو هذه الحالة الارهابية التي لا تستثني احدا، ولا تستهدف فقط “حزب الله” لنقول انها تأتي للانتقام منه، بل كل من لا يوافقها ولا يوافق على عناوينها او اهدافها او تصرفاتها … وهذا ما ظهر في العراق، هل الأيزيديون هم من مؤيدي “حزب الله”؟ هل المسيحيون في العراق رفعوا راية “حزب الله”؟ هل استهدفت المشاكل في لبنان “حزب الله” فقط؟ هل استهدفت في سوريا “حزب الله” او النظام فقط ؟ انا لا ادافع عن الحزب، بل اقرأ واقعا. تدمير الآثار والضرائح وفرض نظام قيم معين على السنة قبل غيرهم، الا يستوجب هذا تفكيرا مشتركا في كيفية المواجهة؟ ام نبقى اسرى “حزب الله” في سوريا والحزب وغير ذلك؟ هذه نقطة نحن مختلفون عليها، ولكن كيف نواجه الخطر المشترك الآن؟   من جهة اخرى، قبل يومين قال رئيس الحكومة البريطانية يجب ان نذهب الى العراق لمقاتلة “داعش” ودولة الخلافة كي لا تأتي الينا في بريطانيا، وكذلك قالت المانيا وفرنسا واميركا، وروسيا بالاساس تقول ذلك. اصبح كل العالم، بما فيه ذاك الذي راهن عليه البعض منا، يتحدث لغة واحدة، والخطرعلى باب البيت ودخل بيتي، فهل أتجاهل وأتجاوز وأتنكر ولا اقرأ في المشهد السياسي الذي هناك اجماع عليه، فقط لأبرز كل ما يدين “حزب الله” في هذه العملية؟ لنتذكر واقعة الضنية واحداث نهر البارد، هل كان “حزب الله” قد تدخل في سوريا يومها ؟ هل كانت حالة ارهابية ام لا؟ ربما يأتي البعض ليستفيد من هذا الكلام ليبرر منطق “حزب الله”، هذا شأنه، ولكن هذه حقيقة.   ■ لماذا انتم ضد تدخل الحزب في سوريا اذاً؟   - لان هناك انعكاسات اخرى داخلية قبل ان تظهر حال “النصرة” اولا، وبعدها “داعش” اواخر 2013. لكن متى تدخل الحزب وبدأ خلافنا معه؟ في عام 2011. كنا نقول له ثمة خصوصية في لبنان، اترك مكانا للشريك الاخر وللحساب الداخلي اللبناني، لان اي موقف، قبل ان نصل الى التدخل، سيترك انعكاسا سلبيا على الوضع اللبناني الداخلي. وللامانة، تدخل غير “حزب الله” في سوريا ايضا منذ البداية. اذا اردنا الكلام بالواقعية السياسية نقول: هناك اولويات في التعامل مع المسائل، نعم هناك نقطة خلاف اساسية لها انعكاسات سلبية ، ولا نزال عند هذه القراءة، ولكن نحن الآن امام خطر داهم علينا جميعا، يجب مواجهته.   ■ اتفاق جنبلاط و”حزب الله” على هذا الخطر الداهم إلام يؤدي سياسيا؟   - هذا اتفاق بين كل اللبنانيين. كل القوى السياسية لديها الوصف نفسه لهذا الخطر. ربما لم نصل بعد الى رسم سياسة مشتركة، لا على مستوى الحكومة، ولا على مستوى القوى السياسية، وهذا خلل في عقلنا السياسي، وعطب في حياتنا السياسية اليومية.   التمديد حاصل   ■ ليست المرة الاولى يصدر فيها مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ثم يحصل التمديد. فما الفائدة من تكرار هذه اللعبة؟   - كلها لعبة سياسية لتحسين الشروط، والكل عارف انه ذاهب الى التمديد، الذي هو ضرر وسيصبح ضرورة. انها عملية مزايدات سياسية ضمن بيئات معينة من جهة، وضمن تجاذبات بين قوى سياسية مختلفة من جهة اخرى.   ■ هل انت مقتنع بكلام وزير الداخلية عن استحالة اجراء الانتخابات؟   - تشير التقارير التي رفعتها الاجهزة الامنية الى وزير الداخلية الى صعوبة اجراء انتخابات نيابية في مناطق معينة لا يزال الاحتقان السياسي فيها قائما، وبالتالي لا يمكن اجراء الانتخابات فيها. لكن لا يمكن ان نبدأ بأي امر الا بانتخاب رئيس للجمهورية قبل اي خطوة اخرى.   ■ قد يكون نزول الناس الى الارض للانتخابات مفهوما امنيا مع انه غير مقنع، ولكن ما الذي يمنع 128 نائبا من الاجتماع في مقر واحد لانتخاب رئيس للجمهورية وتعود معه الامور الى نصابها القانوني والدستوري؟   - هذا صحيح . الاولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية، وهذا احد ابرز اسباب جولة وليد جنبلاط على القيادات السياسية عموما والمسيحية خصوصا. انه سؤال منطقي، ولا يستطيع احد ان يقنع احدا بأي جواب سوى بجلسة لانتخاب رئيس. ولكن في السياسة، حتى لو وضعنا الجانب الامني في الانتخابات النيابية، وحتى لو تجاوزنا الحسابات السياسية الخاصة بين من يريد الانتخابات ومن لا يريدها، اذا ذهبنا الى اجراء انتخابات نيابية في ظل عدم وجود رئيس جمهورية، لا يتحقق شيء في البلد، لانه دستوريا سنأتي مباشرة الى تشكيل حكومة جديدة. من سيجري الاستشارات ورئيس الجمهورية غير موجود؟ نقطة الانطلاق لاعادة تفعيل الحياة السياسية في لبنان وانتظامها هي انتخاب رئيس جديد للجمهورية.   ■ لماذا لا يجري انتخاب رئيس للجمهورية اذا؟   - الاسباب معروفة، وهي التمترس وراء الشروط والشروط المضادة لدى المرشحين في الوسط المسيحي.   ■ ما دام الجميع يعتبر جنبلاط بيضة قبان، فلماذا لا يمارس دوره في ترجيح كفة الميزان لانتخاب رئيس للجمهورية؟   - في انتخابات الرئاسة ليس بيضة قبان، ودستوريا لا يستطيع، لأن تأمين النصاب لا يتوقف عليه. عدد نواب كتلته لا يوفر الثلثين لا مع هذا الفريق ولا مع ذاك.   ■ هل هو مستعد للتنازل عن مرشحه هنري حلو في سبيل تسوية سياسية رئاسية؟   - لايقدم او يؤخر في هذه التسوية السياسية، لانه ما يتفق عليه الآخرون، سواء قبل او رفض، سوف يمر، لأن لديهم القوة العددية لتأمين النصاب، والقوة العددية لتأمين الانتخاب . من ناحية ثانية، نحن تقدمنا بمرشح مقتنعون به، فكيف ننسحب لمرشحين آخرين لسنا مقتنعين بهم؟ اضافة الى انه اذا حصل توافق على هذا او ذاك فلن نقدم او نؤخر ككتلة عددية، ويفضل ان نبقى على مرشحنا لانه اذا اتفق الكبار لن نكون حكما حجر عثرة في هذه العملية، وسيمر هذا الاتفاق.      المصدر: صوت الجبل