لقد اجاد سماحة الأمين العام لحزب الله بالأمس في تشخيص حجم الخطر القادم على لبنان والمنطقة، فالتطرف والحركات التكفيرية وبالخصوص ما نشاهده يوميا وما نسمعه عن التجربة الداعشية وفظائعها وسلوكها الاجرامي في المناطق التي تسيطر عليها، وحده يشكل الدليل القاطع الذي لا يحتاج معه لاي برهان وللتوافق التام مع كل التوصيف الذي جاء على لسان نصرالله

وانا اعتقد جازما بان اللبنانيين مجمعون على هذا التشخيص الدقيق ومتنبهون جيدا لهذه العاصفة السوداء التي هبت وتهب على المنطقة، واظن  بان سماحة الأمين العام لم يكن ليحتاج الى كل هذا الجهد الذي بذله في خطابه من اجل تأكيد ما هو بديهي، وان كان هنالك من اختلاف فهو فقط على حجم وضخامة هذا الخطر وبالتالي على إمكانية القضاء عليه او على الأقل إبعاده عن بلدنا ، وهذا ما كان قد خلص اليه سماحته في نهاية كلمته،

الا ان ما كان ملفتا الى حد الاستغراب والدهشة الصادمة، هو هذا الإصرار  والتشبث في نفس الخيارات والاستمرار بالسير قدما على نفس الخطوات وكأن ما جاء من كل هذا السرد التفصيلي لحجم المستجدات ولما طرأ على المنطقة من تحولات لم تدفع بقيادة حزب الله الى مراجعة ذاتية او الى مجرد إعادة الحسابات ولو قيد انملة،

فكانت الدعوة الى التفكّر التي حُكي عنها، والقيام الى الله مثنى وفرادى ، والتراجع عن المواقف السياسية القديمة ( ومش عيب ) انما المقصود منها هم الاخرون فقط، وان حزب الله غير معني بكل هذه الدعوات،

فالمصالحة المطلوبة بين الشويفات والضاحية او بين عرسال واللبوة لم تكن نتيجة لحدث قام به الحزب، والشعور بالإحباط في الشارع السني لم يكن نتيجة لسياسات اعتمدها الحزب، وضعف معنويات الجيش اللبناني وعدم السماح بلعب دوره الطبيعي لم يكن بسبب منافسة الحزب، وتحول لبنان الى ساحة للجهاد عند التكفيريين ليس بسبب ذهاب الحزب الى سوريا، ولا تزال انتصارات الحزب في القصير والقلمون هي الرادع لتسلل الارهابيون الى لبنان حتى بعد احتلال عرسال، ولا يزال ال25 مليون سوري مقسّمون بين ممانعين مع النظام او تكفيريين ضد النظام، ولم يسهم الى اللحظة بشار وجيشه في سحق وتدمير سوريا وعلى اللبنانيين التعاون والتنسيق معه كسلطة قوية عنده حكومة شرعية قد تساعد في حل مشكلة اللاجئين وان كان دورها في محاربة الإرهاب مغيب لحساب محاربة شعبه، ولا وجود أصلا منذ البداية والى الان لما يسمى بالجيش السوري الحر الا عند الاستدلال على همجية داعش وعدم تفريقها بين الصديق والعدو, والقرار الدولي 1701 لا يعكس الإرادة الدولية وانما مجرد عدد قليل من الجنود ،،

كل هذه الأمور انما هي بكفة، والإصرار على دعم ترشح ميشال عون لرئاسة الجمهورية بما يعني هذا الإصرار من تعطيل للحياة السياسية وبالتالي نسف كلي لاي  إمكانية بالتفتيش عن تقاطعات ضرورية يفرضها حجم ما تقدم من اخطار قادمة وهذا ما كان ينتظره اللبنانيون

لان القائد الحكيم والشجاع ليس من يتمتع بقدرات على تشخيص المشكلة والتنبيه على ما يتوقعه من ضرر سيقع على شعبه ووطنه، فهذا امر متيسر حتى عند اصغر مواطن، وانما هو باجتراح الحلول وتقديم الدواء، وهذا ما لم نتلمسه بالأمس .

فالمطلوب حالا من حزب الله هو خطوات تراجعية على الطريقة العراقية، لان المرحلة لا تحتمل أي لعب على حافة الهاوية.