في خضم المعارك الضارية التي عصفت ببلدة عرسال وفي المنطقة الجردية المحيطة بها والتي بدأت باستهداف القوى الامنية (الامن الداخلي والجيش )وما رافقها من خطف وقتل ودمار وتهجير وارتفاع مستوى الشراسة والاجرام للجماعات الارهابية التي اشعلت فتيل هذه الحرب باعتدائها السافر على مراكز عسكرية , كل هذا كان مبعثا للقلق لدى كافة الفرقاء اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والسياسية والحزبية من امكانية تمدد كرة النار الملتهبة في سوريا والعراق لتصل الى الساحة اللبنانية والمخاطر التي تنجم عن ذلك من تهديد لوحدة البلد واشعال فتيل حرب مذهبية (سنية - شيعية)قد تأتي على ما تبقى من عيش مشترك بين مختلف مكونات المجتمع اللبناني ... لكن الموقف الدولي والاقليمي الضامن لأمن البلد واستقراره وفر الاسباب والمعطيات الضرورية لسحب فتيل التفجير في الداخل اللبناني وتمثل ذلك في تأمين الدعم السياسي والمادي للدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية (الجيش)حتى تتمكن من التصدي لأي اعتداء عليها . وفي خطوة كانت مفاجأة لمعظم اللبنانيين عاد رئيس الوزراء الاسبق الشيخ سعد الحريري الى لبنان بعد غياب قسري دام لأكثر من ثلاث سنوات ولأسباب امنية عاد وحاملا معه مهمة مثلثة الجوانب بعد تأمين المناخ الآمن لهذه المهمة حتى تؤتي ثمارها بنجاح ......ففي جانب من هذه المهمة حمل معه هبة سعودية بقيمة مليار دولار ليشرف مباشرة على صرفها على المؤسسة العسكرية بغية تزويدها بكل ما تحتاجه من آليات ومعدات تؤهلها للتصدي لأي اعتداء خارجي على سيادة الوطن واستقراره ,وفي جانب آخر لملمة الشارع السني في البلد الذي بدأ يتفلت وينحو باتجاه التطرف والتعصب المذهبي والعودة به نحو خط الاعتدال والصوت الهاديء والخطاب الرصين , اما الجانب الاهم في عودة الحريري هي الخطوات التي خطاها باتجاه خصومه السياسيين حيث قطع نصف المسافة التي تفصله عنهم والوقوف في منتصف الطريق بانتظار خطوات مماثلة منهم للالتقاء معهم على مساحة مشتركة وحول مشروع وطني يعيدهم الى حضن الوطن الذي يتسع لكافة ابنائه على اختلاف اتجاهاتهم ..........

  يبقى السؤال الاهم والذي يحمل التحدي الاكبر ,فهل يتلقف اخصام الرئيس الحريري هذه الخطوة الوطنية المباركة ويقطعون خطوات مماثلة باتجاهه ويلتقون تحت سقف المشروع الوطني الذي يتيح لهم ايجاد الحلول لمعظم الملفات العالقة ومعالجة المشاكل والازمات المتفاقمة بما يعيد للبلد قوته ومنعته وللبنانيين وحدتهمللوقوف خلف جيشهم بوجه الاعاصير التي تهدد بلدهم وعيشهم المشترك

                          طانيوس علي وهبي