ليس جديدا الكلام بان الصراع الدائر على كامل جغرافيا المنطقة ما هو الا تجاذب بين قوتين اقليميتين، هما الجمهورية الاسلامية في ايران والمملكة العربية السعودية، التين تخوضان صراعهما الدامي ابتداءا من اليمن والبحرين مرورا بالعراق وسوريا وصولا الى لبنان ، حتى ان غزة لم تسلم من التشظي من هذا الصراع في ظل استغلال العدو الإسرائيلي لهذا الواقع المشتعل بالمنطقة والعمل على تصفية حساباته مع حركة حماس بشقها الإيراني المتبقي،

وبغض النظر عن ان طبيعة الصراع يأخذ اشكالا متعدد تفرضها  موازين القوى وجُهازية الفريق المحسوب على كل طرف وفق كل منطقة، الا ان هذا لا يمنع القول بان التوجه العام للمملكة السعودية هو السعي لحصر صراعها وخوضها بالغالب الأعظم في اطار الطابع السياسي بالخصوص فيما يعني الشق اللبناني منه، فلم تعمل السعودية ولا يوم من الأيام على انشاء ميليشات مسلحة، كما وان الادبيات السياسية لتيار المستقبل ونشأته منذ اللحظة الأولى اتسم بالسليمية وبالاتكال فقط على مؤسسات وقوة الشرعية اللبنانية، على عكس التوجه الإيراني الذي يعتمد على اذرع عسكرية خاصة لها وخاضعة بالكامل لقرارها

لعل هذا الخلل بموازين القوة هو ما فرض على تيار المستقبل العمل الدؤب على تجنب استدراج أي مواجهة عسكرية مع حزب الله على الساحة اللبنانية، وطبعا فان هذه نقطة مضيئة تسجل له وللمملكة من خلفه

ومن هنا شاهدنا هذا الحرص  الكبير عند هذا التيار لتجنب احداث عرسال وعدم السماح لها بالتضخم والعمل على إطفاء نيرانها ، على عكس الصورة التي بدى فيها حزب الله وكأنه مرتاحا للمسار التصادمي التي كانت تسير عليه الأمور لان لغة البندقية والمدفع هي اللغة التي يتقنها حزب الله جيدا، فضلا عن الاستفادة من توريط الجيش وتحويله الى عنصر مساعد له في حربه التي لا يزال مصرا على الاستمرار بخوضها

وعليه فان الدعم الساسي والمادي المقدم من السعودية للجيش اللبناني في مثل هذه اللحظات الحرجة لا يمكن ان يوضع الا في خانة المصلحة الوطنية اللبنانية العليا، بغض النظر عن المقدمات التي املت عليها هذا التوجه، والى ان تتعلم ايران أيضا ان المرحلة التي تمر بها المنطقة لم تعد تستسيغ اللعب بالنار وبان  عناصر القوة يمكن ان تتوفر لفريقها من دون الحاجة دائما الى اللجوء للبندقة والسلاح، فلا يسعنا نحن اللبنانيون المتعطشون للاستقرار والحالمون ببناء دولة القانون والمؤسسات بل ومن الوجب علينا  القول وبصوت مرتفع يعلو فوق صوت المعركة وكل المعارك العبثية التي تُخاض بدون أي افق ولا تنتج الا مزيدا من الضحايا الأبرياء والدمار، لا يسعنا الا القول: شكرا للسعودية .