تعتبر معركة عرسال معركة المستقبل لذا يخوضها التيّار بحماسة زائدة لأنها ستحدد حجم دوره في طائفة مدعوة الى التطرف بعد أن فشل الاعتدال في المحافظة عليها وعلى المستويات كافة ولم يستطع ازالة مخاوف الضعف وهواجس الوهن المسيطرة عليها من قبل طائفة أخرى. من هنا بادر المستقبل الى دعم الجيش في معركة عرسال وأعطاه نوعاً من الشرعية الطائفية لحصر المعركة وعدم اعطاء الفرص لمضاعفة معركة عرسال بأبعاد طائفية تتيح تأزّمات داخلية مربكة للأمن في لبنان. ماحصل أمس من قطع للطرقات في مناطق لبنانية تضامناً مع عرسال يشير وبوضوح الى حسابات طائفية تعتمل داخل الاستغلال السياسي لأطراف تنتهز الفرص لتحسين وتحصين مواقعها داخل الطائفة على حساب تيّار المستقبل . وتبدو المساعدة السعودية للجيش اللبناني وبواسطة الرئيس سعد الحريري وفي احدى مراميها متصلة بتسويات الوضع السُني في الابقاء على الاحجام التمثيلية القائمة وعلى الغلبة للمستقبل وعلى الزعامة المحصورة بسعد الحريري . لقد سقط المستقبل سياسياً في الحكومات التي ترأسها وفي شراكته مع 8آذار ولم يستطع المحافظة على شعار واحد من شعارات ثورة الأرز وقايض مراراً السلطة بمرتكزات فريق الرابع عشر من آذار فباع السلاح والمحكمة الدولية والعلاقة مع سورية بمزاد علني مفتوح على رئاسة الحكومة واشترى رضا فريق 8آذاربسكوته المطلق عن دورحزب الله الريادي والطليعي داخل لبنان وخارجه وتماهى معه في الحرب على الارهاب بصيغته السُنية ومنذ حكومة سلام والمستقبل ينفذ أدواراً كان يعترض عليها وذلك قبل الشراكة مع حزب الله والعودة الميمونة له الى رئاسة الحكومة . هذا السقوط سمح ببروز أطراف ملتحية لا تساوم على دعمها للمعارضة السورية ولا تتنازل لصالح التوازنات الطائفية القائمة في لبنان بل على العكس عمدت الى احداث توازن جديد فرض نفسه كمعادل طائفي رغم الخلل القائم في ميزان القوّة وتمكنت من السيطرة على القرار السُني في مناطق أساسية مثل طرابلس وعرسال اضافة الى تأثيرها في المُدن المحيطة بالمخيّمات الفلسطينية  . لقد واجه تيّار المستقبل وجود الاسلاميين في طائفته وتعاون على نهاية أدوارهم وقدّم تسهيلات سياسية لذلك بدءًا من أسر الأسير في صيدا مروراً بقادة المحاور في طرابلس وصولاً الى عرسال التي أكّدت هشاشة المستقبل فيها ويتبع كل ذلك وقوف المستقبل وراء قضية الاسلاميين من أهل فتح الاسلام الى لحى أطول من ملل ونحل متطرفة بطريقة سلبية أعاقت الكثير من الدعوات الداعية الى الاسراع في حلّ ملف يُنشط الحالة المتطرفة في الطائفة السُنية . اذاً لقد بلغ صراع التيّارين مبلغه في الطائفة السُنية واستطاع تيًار المستقبل التغلب من خلال التعاون مع الجهات المتضررة من التيّار " الجهادي" ومن خلال الاستغلال السياسي والمالي كما حصل في طرابلس وفشل التيّار السلفي وبصيغه كافة من التقدّم على المستقبل بالمعنى الفعلي الاّ أنه ينتشر كالهشيم في النار في الوجدان السُني  ايماناً منه وانسجاماً مع الحروب القائمة في المنطقة ومن خلال مضاعفاتها المذهبية ومع ترهلات الطائفة السنية في لبنان لفقدانها الوزن المعادل لمعايير الطائفة القوية . هكذا تشعر طائفة بانها مغلوبة على أمرها لذلك نراها منسجمة مع دعوات أهل التطرف ومسرعة باتجاههم .