وقعت جبهة النصرة في فخّ عرسال وأخرجت نفسها من الدور الذي تلعبه من قرية لبنانية استراتيجية بالنسبة للمعارضة السورية باعتبارها الجيب المتبقي لها تجمعاً ودعماً بعد تحرير القصير والقلمون وتنظيف الحدود السورية اللبنانية لصالح النظام في سورية . غباء مقاتلي النصرة وضعهم في قفص لبناني لا يمكن التحرّر منه ولا تفلح هنا الدعوات الطائفية لأن الجيش عصب الدولة ولا مصلحة لأحد في ضرب المؤسسة الضامنة للوحدة اللبنانية ومهمة كانت هشّة وقد رأينا سرعة الفاكس السياسي لسعد الحريري المؤيد للجيش في خطواته تجاه عرسال وتحريرها من التكفيريين والتفاف المستقبل حول قيادة الجيش لتفويت فرص البحث عن أعذار مذهبية تثني الجيش عن مهمته الوطنية . ربما هناك حسابات سياسية كثيرة يراد توظيفها في معركة عرسال المفتوحة حتى تحقيق أهدافها من رئاسة الجمهورية الى خدمة النظام في سورية الى تصحيح مسار الأمن في لبنان الى اعادة تموضع مواقف جديدة داخل الطبقة السياسية كما فعل أمس الزعيم وليد جنبلاط وصولاً لمنطق الغلبة في ميزان القوى الطائفية اضافة الى الحسابات الاقليمية المستفيدة والمتضررة من نتائج معركة عرسال . وربما تدفع المعركة في عرسال بالطائفة السنية تحديداً اذا ما وظفها البعض لصالح الفتنة المذهبية الى خيارات بعيدة تماماً عن خيارات المستقبل خاصة وأن حسبة المستقبل باتت كبيرة برأيّ التيّارات البديلة عن زعامة سعد الحريري بعد سلسلة من التنازلات التي طالت مصالح الطائفة المتلمسة لقهر طائفي آخر لها من خلال القوّة التي تتمتع به جهة  داخل الدولة وخارجها . اذاً نحن أمام شعور طائفي سيتعاظم وبغض النظر عن صحة هذا الشعور وهو سيبحث عن فرص لهدم الهوّة القائمة في لبنان مما يعني أن الصراع داخل لبنان سيتخذ أشكال أخرى وستعبّر عنه مراحل قادمة مادامت الأسباب الموجبة موجودة وبكثرة في بلد طائفي مفتوح وبقوّة على حربين اتخاذا أبعاداً طائفية ومذهبية ودينية وتداعياتهما العراقية والسورية واضحتان في لبنان .