لقد حاول لبنان جاهدا النأي بنفسه عن الازمة السورية وتجنب الجيش اللبناني على مدى ثلاث سنوات التورط في الإنعكاسات الامنية والعسكرية لهذه الأزمة ,ونجحت قيادته طوال هذه المدة في ضبط النفس وتجنيب البلاد أي مواجهات تؤدي الى الفتنة المذهبية والطائفية خصوصا وأن البلاد كانت ولا تزال في دائرة هذا الخطر ,إلا أن الاحداث الأخيرة في عرسال فرضت واقعاً جديداً لم يستطع الجيش تجنبه أو تجاهله فكانت المواجهة " أمر اللحظة واليوم " خصوصا عندما يتعرض الجيش لاعتداءات غير مسبوقة كانت نتائجها مروعة .
وبالرغم من المواجهات البطولية التي خاضها الجيش للدفاع عن نفسه وعن المنطقة وبالرغم من العدد الكبير من الشهداء الذين سقطوا جرّاء هذه المواجهة المفروضة ,إلا أنه كان أيضا ضحية السلطة السياسية وكذلك أفرقاء أساسيين في هذه السلطة فراحوا يبحثون على وقع دماء الشهداء عن حلول على شاكلة الحلول السياسية للقضايا والملفات اللبنانية .
إن من أسوأ من تعرض له الجيش في هذه المعركة أن يقوم رأس السلطة التنفيذية في الدولة رئيس الحكومة بالحديث عن وقف لإطلاق النار والتوسط بين الجيش والمسلحين من الإرهابيين وقاطعي الرؤوس وكذلك عندما ينبري أحد الوزراء للاتصال بالجهات الداعمة للجماعات الارهابية بحثا عن هدنة أو اتفاق أو مفاوضات.
لقد استشهد عناصر الجيش اللبناني مرتين, مرة على يد مجرمي داعش وجبهة النصرة في عرسال ومرة أخرى على يد السلطة السياسية في البلاد .
إن الحديث عن مفاوضات أو الحديث عن اتفاق لوقف إطلاق النار أمام 12 شهيدا و22 أسيرا هو خيانة للجيش وخيانة للأمة وخيانة للوطن , إن المفاوضات والإتفاقات تعقد بين جيش وجيش آخر بين دولة ودولة أخرى ولا تعقد بين جيش ومجموعات إرهابية مسلحة بات خطرها واضحا على الوطن والمنطقة بأكملها , إن ما تعرض له الجيش يأتي وفق خطة مسبقة ووفق عمل مدروس ولم يكن وليد اللحظة واليوم لذا فإن على الجيش الاستمرار بضرب المسلحين وتطهير البلاد منهم بالكامل وعلى السلطة السياسية إطلاق يد الجيش وتأمين كافة المستلزمات المطلوبة للقيام بمهماته العسكرية .