جاء خطاب الرئيس سعد الحريري الأخير ليوصل ما قطعه مع فريق 14آذار لجهة العودة الى ثوابت الأمانة العامة والتمسك بخياراتها الأساسية من السلاح الى مشاركة حزب الله في الحرب السورية والرئيس المحتمل الوصول الى قصر بعبدا وفق خارطة طريق لا تمرّ بالرابية حتماً ..بدّل الحريري في افطاره السنوي مدفعه فبدلاً من القصف بعيداً عن حزب الله أصاب الحزب والرئيس بري والجنرال ميشال عون بشظية الرئاسة القاتلة ورمى سهمه الناري بصدور الجميع وكل بحسب الاستهداف الذي هو فيه ووضع شراكته في الحكومة السلامية في السلّة الوطنية لا في الجيب الخاصّ لتيّار المستقبل . من الممكن القول بأن الحريري صفع الجميع في افطار التيّار لجهة الاشتراطات التي لا تلاقي أحداً وسط طريق الرئاسة والنيابة وقدّم خطاب متعال عن الحسابات السياسية  بمجالها الداخلي والمحصور بمحاصصة السلطة بالطريقة النافذة وعلى ضوء المسوغ المسموح في بلد محكوم بقوّة الواقع . بتقديري أن الخطاب المكتوب في المملكة العربية السعودية يعبّر عن مستوى الراحة السياسية للمملكة وعن المضمون العام لطبيعة الصراع الايراني – السعودي المائل الى انتصار الثاني على الأول في سورية والعراق والذي أتاح له فرص امتلاك أوراق قوّة جعلته يشترط حيث يجب بعد أن كان الدور السعودي غير قادر على اختراق الأمن الايراني وخاصة في مجاله العراقي والسوري واللبناني . اذاً كُتب خطاب الحريري بحبر سعودي وهذا ما جعل منه مادة صلبة صدمت واقع الرهان على تسيل سياسيي يعطيّ بعبدا رئيساً متمسكاً به حزب الله ويراه عون قاب قوسين أو أدنى ويعطي الرئيس بري فرصة المشاركة بحلّ أزمة وطنية ويمنح الوسيط وليد جنبلاط صفته كمهندس للعلاقات المستصعبة بين اللبنانيين . لقد دفع خطاب الحريري التيّار العوني  الى هاوية الرئاسة  بعد جولات مكوكية من السرية اللبنانية المعهودة والتي اهتجس منها مسيحيّو 14آذار وأثلجت صدور مسيحيّ 8آذار وأعادت جولات أمل – المستقبل للبحث عن مخرج محدّد من قبل الرئيس بري الى مراوحته داخل المجلس النيابي ورسمت علاقة ضبابية بين حزب الله والمستقبل في الحكومة وخارجها . من الصعب قراءة خطاب الحريري بطريقة لبنانية لأنه متأسس على نتائج الحروب في المنطقة وعلى التوازنات الاقليمية الجديدة من عودة الجيش الى السلطة في مصر الى هبوط طوعي وقسري لقوى الممانعة والمقاومة من خلال استنزاف القدرات في غير محلها وعدم تأثيرها على الواقع العربي ويبدو نموذج غزّة دليل على سياسة نأي الأمة العربية عن ما يجري في فلسطين حماس وحماستها الزائدة لقيام العدو بتصحيح المسار الفلسطيني لصالح السلطة الفلسطينية عبر تشتيت قوّة المقاومة الحماسية وتفريغها من أيّ محتوى سلطوي .بعد هذه القراءة المقطوعة من خطاب سعودي بامتياز تبدو تجربة الحريري في لبنان مرّة بالنسبة لحلفائه لأنه يبيع عند أول مشتر وبدون أثمان كما فعل من قبل من السلاح الى المحكمة الدولية والعلاقة مع سورية  خاصة وأن زعيم تيّار المستقبل جاء من الأعمال الى السياسة لذلك تتحكم به معايير السوق لا معايير السياسة .