مازالت بعض الشعوب العربية تعاني من فرط الحماسة الزائدة لنصرة فلسطين التي صغر حجم المواجهة فيها الى بقعة صغيرة في الخارطة الفلسطينية اسمها غزّة والتي تحتلها حماس منذ الانقلاب على الشرعية الفلسطينية واقامة سلطة اسلامية بديلة عن السلطة الوطنية . ومع كلّ عملية مواجهة تحصل بين حماس والاسرائيليين يرتفع منسوب الغضب الشعبي العربي بطريقة سطحية فيها نيّل من السلطويات العربية ومن التشكيلات الرسمية العربية دون الهمس بأذن الحقيقة لطبيعة صراع ناقص بين جهة فلسطينية وبين المحتل الاسرائيلي وهذا ما جعل من المقاومة مجالاً للاستثمار في الأمن والسياسة وأكسب المحتل شرعية الاعتداء في الضمير العالمي وهذه مسألة جدّ مهمة لأن الفلسطيني وطوال غربته النضالية سعى الى تحصيل تأييد دولي لمنظمة المقاومة وفّرت سُبل حماية في التشكيلات الدولية التي أعطته رزمة من القرارات الدولية الصادرة عن مجلس الأمن وكانت بمثابة السلاح الحاضر في قلب المعركة لتغيير موازين في الدبلوماسية الدولية من خلال ميل اطراف دولية لصالح الحقوق الفلسطينية وبذلك صنع الفلسطيني قوّة رأيّ عام من فراغ دولي . عندما صغر حجم المقاومة مع المحتل بات الفلسطينيّون بلا رصيد دولي وبلا حضانة عربية لأن التصدّع الفلسطيني داخل الشبكات والأطر السياسية وفرّ الحجج الكافية لتفريغ النضال الفلسطيني من محتواه الوطني وبات الحديث عن حضور أجندات خارجية في ساحة النضال الفلسطيني له ما يبرره دولياً وعربياً لهذا يُنسب صاروخ حماس الى جهة اقليمية أيّ الى المستفيد الايراني ويشجع على ذلك الفلسطينيّون أنفسهم الذين يرون في حركة حماس أداة لتحسين شروط دول داعمة لها لأن الخيارات الفلسطينية كانت في عهدة المنظمة ومع ولادة السلطة الفلسطينية باتت الخيارات الوطنية مسؤولية الحكومة برئاسة الرئيس المنتخب من الشرعية الدولية . من هنا يبدو تقرير حماس خوض جولة من المواجهة مع المحتل الذي يحتاج دائماً  الى هكذا فرص حماسية مجالاً للشبهة على ضوء غياب الوحدة الوطنية الفلسطينية والتي تعبّر عنها  السلطة الفلسطينية بشخص أبي مازن راعي عملية السلام مع اسرائيل .لهذا علينا أن نوقف حملات التخوين لندرك جوهر النضال الفلسطيني من خلال ارادة السلطة في وحدتها لتعيد انتاج رأي عام عربي ودولي يساند القضية الفلسطينية من زاوية وطنية مستندة لخيارات الشعب الفلسطيني بعائلاته السياسية كافة لا من خلال تفرد جهة في مسؤولية تحتاج الى وفاق أكبر بكثير من حالة جهادية موظفة في ما تبقى من صراع عربي – اسرائيلي . هذه الرؤية موجودة في الواقع الفلسطيني لذا علينا مناقشتها باستمرار.