يستفاد من نصوص دينية عديدة أن ليلة القدر هي ليلة الـتـقدير و الـتدبير و إتخاذ القرارات الحكيمة من الله سبحانه و تعالى التي قد تتعلق بمسائل الكون و الحياة و تصنع للبشر تاريخاً مشرقاً إذا أعتمدت تلك القرارات و تم العمل على أساسها.
 و هي ليلة وجدت في عهد الأنبياء و هي باقية الى يوم القيامة كما جاء في بعض النصوص الدينية المروية عن رسول الله عليه السلام جاء فيها:
 (أن رسول الله سئل عن القدر أنه شيء يكون على عهد الأنبياء ينزل عليهم فيها الأمر فإذا مضوا رفعت   قال : لا بل هي باقية الى يوم القيامة).
 و في القرآن الكريم أنها الليلة التي يفرق فيها كل أمر حكيم.
 و من الواضح أن الأمر الحكيم له أفراد كثيرة قبل نزول القران الكريم و بعده و إلى يوم القيامة.
 فبعث الأنبياء كان من الأمر الحكيم، و إنزال الكتب السماوية كان من الأمر الحكيم.
 و لولا بعثة الأنبياء و ما أنزل الله عليهم من الكتب و التعاليم لكان تاريخ البشرية غير التاريخ الذي نقرؤه.
 فإن تلك الأحداث السماوية هي التي حولت مجرى الحياة البشرية من الظلمات الى النور و من الضلالة الى الهدى و هي التي أرشدت الإنسان الى سواء السبيل و مهدت له الطريق من أجل حياة تحكمها مبادىء الخير و مثل الحق.
و هنا لا بد من الـتـنبـيـه على أمر و هو أن ليلة القدر ليست هي البساط السحري كما يتصوره بعض الناس و أنه ينتظر المعجزة التي تنقله من الشقاء الروحي الى السعادة الروحية و الإيمان و التي تنقله من الشقاء الدنيوي الى السعادة الدنيوية بدون عمل و لا إرادة و لا إختيار فإن الأنسان هو كائن له إرادته و حريته و إختياره فهو يطيع الله بإرادته وبإختيار سبل الإيمان و ليس مكرهاً على ذلك و هو الذي يحقق الخير أو الشر بإرادته و إختياره لأن المجبور على فعل الخير أو فعل الشر لا يستحق بنظر العقل ثواباً و لا عقاباً.
فليلة القدر لا تصنع المعجزة في حياة الإنسان فرداً و مجتمعاً إلا من خلال تصميم الفرد و المجتمع على العمل الصالح و إرادة الخير و هذا التصميم الصادق و الإرادة الراسخة يجعلان من الإنسان موضعاً للألطاف الإلهية التي تصدر في ليلة القدر و تجعله مشمولاً لقرار العفو الألهي الشامل عن المذنبين في هذه الليلة المباركة و قد جاء في الحديث عن رسول الله عليه الصلاة و السلام ( أن الله يغفر في تلك الليلة لجميع المؤمنين و لم يغفر لأربعة مدمن الخمر و العاق والديه و القاطع الرحم و المشاحن ) و في نص ديني آخر ( أنه إذا كانت ليلة القدر غفر الله ذنوب عباده إلا لرجل بينه و بين أخيه شحناء فيقول الله عز و جل أنظروا هؤلاء حتى يصطلحوا) . 
و هناك نصوص دينية تتحدث عن علامات لهذه الليلة المباركة تظهر في الطبيعة قد يراها الإنسان في بعض الأحيان و يحس بها في أحيان أخرى و لكن الجوهر الحقيقي لليلة القدر لا يكون في هذه المظاهر بقدر ما يكون في عزم الإنسان و تصميمه على عمل الخير لنفسه و مجتمعه الذي يؤهله لأخذ الجائزة من الرب في ليلة القدر و الى هذا المعنى تشير بعض النصوص الدينية الواردة بهذا الشأن عن الإمام محمد الباقر عليه السلام ( أن رسول الله إجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر فقال إعلموا أيها الناس أنه من ورد عليه شهر رمضان و هو صحيح فصام نهاره و قام ورداً من ليله و واظب على صلواته و هجر الى جمعته و غدا الى عيده فقد أدرك ليلة القدر و فاز بجائزة الرب عزّ و جلّ ) فإن المستفاد من هذه النص الديني و غيره أن ليلة القدر تشمل أولئك الذين يقومون بالواجبات و يعملون الخيرات و يؤدون الطاعة لله عزّ و جلّ.
و على كل حال فإن ليلة القدر التي جعلها الله خيراً من ألف شهر بإعتبار ما يحصل فيها من إنجازات و تغييرات لإن التفاضل بين و حدات الزمن ليس بإعتبار طول المدة و قصرها و إنما بلحاظ المضمون الذي يحصل في تلك الوحدات الزمنية و هي و إن كان يقدر فيها الخير و الشر و الحياة و الموت و الولادة و المطر من سنة الى أخرى كما هو مضمون بعض الأحاديث و لكنها ليست قرارات سالبة لإرادة الإنسان و إختياره فيما يتعلق بالإنسان و عمله و ليست قرارات تعطل قوانين الحياة و لا تجعل من أسباب النجاح أسباياً للفشل و لا من أسباب الفشل أسباباً للنجاح و إنما هي ليلة فيها تجديد روحي للإنسان و فيها تصميم على فعل الخير و على الإبتعاد عن الشر و كما قال الله تعالى في القرآن الكريم ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) و بهذه الروحية يتهيأ الأنسان لإستقبال ليلة القدر التي تحمل شعار السلام كما جاء في سورة القدر من القرآن الكريم ( إنا أنزلناه في ليلة القدر و ما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة و الروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر ) فهي تهدف الى تحقيق السلام للعباد من الآفات و الشرور و هذا يتطلب منا سعياً لأن نحقق أهدافها في أنفسنا و مع أبناء مجتمعنا و في وطننا و بذلك يصبح الوطن بجميع أبنائه موضعاً لعناية الله و لطفه في ليلة القدر.