لا يمكن باي وجه سلخ ما يجري من اعتداءات صهيونية على قطاع غزة, وفصلها عن مجريات الاحداث الدائرة على مساحة المنطقة من العراق مرورا باليمن وسوريا ووصولا الى لبنان، وبعبارة أخرى ما تتعرض له مناطق النفوذ الإيراني على كامل الإقليم،

فبالتوازي مع المفاوضات المباشرة التي تجري في جنيف بين ايران من جهة ودول 5+ 1 من جهة أخرى وما يصيب هذه المفاوضات من تعثرات تنعكس طبيعيا على ارض الواقع مزيدا من الازمات والحروب، فصار من شبه الواضح ان الدول الغربية وعلى رأسهم اميركا يعملون بكل ما اوتو من قوة لانتزاع كل أوراق القوة التي يمكن ان تملكها ايران والتي يمكن ان ترمي بها على الطاولة بهدف تعزيز موقعها التفاوضي

فبعد تدمير سوريا وتحطيم أي إمكانية تأثير لها على الساحة الإقليمية وجعلها اقرب ما تكون كالعصف المأكول وما تبعه من توريط لحزب الله في الوحل السوري مما جعله هو الاخر متلهيا بحماية نفسه وبالتالي انشغاله على ان يكون لاعب مساعد وقوة متقدمة للسياسة الإيرانية في المنطقة كما هو مرجو منه، فنراه الان منهمك بمناورات عسكرية ولكن على الحدود الشمالية بعد ان أصبحت داعش هي الخطر الأكثر إصرارا والأكثر تهديدا

توّج هذا كله بالمستجدات العراقية الخطيرة وما تحمله من بذور فتنة سنية شيعية تحكي الظروف الموضوعية بانها قابلة للاشتعال اكثر فاكثر ان لم يُعمل سريعا على إطفاء نيرانها باقل قدر من الخسارة، قد تكلف ايران رأس المالكي كأقل تقدير،  مما يظهر وبشكل جل ان الهرم الإيراني الذي بني منذ عشرات السنين والاستثمارات الإيرانية التي كلفت الشعب الإيراني مليارات الدولارات والتي انما حانت لحظة اسخدامها في ظل التسوية الكبرى التي يجري العمل لها في جنيف قد تهاوت ان لم نقل قد نسفت نسفا ،

ومن ضمن هذا السياق عينه يمكن ان نفهم ما يحصل في غزة الان خاصة بعد التصريحات التي ادلى بها مرشد الثورة الإيرانية اية الله خامنئي الثلثاء، حول ضرورة زيادة وحدات تخصيب اليورانيوم في مفاعل بوشهر الإيراني وما شكلت هذه التصريحات من تصعيب في مهمة فريق المفاوضات، والجدير بالذكر ان سعة وحدات التخصيب هو واحد من اهم نقاط الخلاف في المفاوضات بين ايران ودول القوى العظمى التي تتخوف من احتمالية قيام ايران بتحويل مفاعلها السلمي الى مفاعل حربي يغير من توازن القوى بالمنطقة ،

وهذا يعني ان صراع الارادات لا يزال قائما وان ايران لا تزال تعتبر بانها تمتلك من أوراق الضغط ما يجعلها بمطرح فرض الشروط وعدم التنازل المطلوب منها ، وقد جاء الدور الان الى نزع ما يمكن اعتباره بالورقة الأخيرة المتمثلة بالفصائل الفلسطينية الممسوكة إيرانيا وعلى رأسهم الجهاد الإسلامي وقسم من حركة حماس

فؤوكلت هذه المهمة للعدو الصهيوني، وهذا ما قد يفسر ضراوة الاعتداءات وشراسة حجم القذائف المتساقطة على قطاع غزة مما يعني بان الحرب هذه المرة لن تكون كسابقاتها ولن تتوقف الا بالقضاء النهائي على أي ذراع إيراني داخل فلسطين يليها تسوية سياسية لن تكون اقل من قرار دولي على غرار 1701 وتسليم القطاع سياسيا الى مصر لضمان اغلاق جبهة غزة الى امد بعيد جدا

وما هذه الحماسة الإسرائيلية التي نشهدها وهذه الشراسة التي تبديها الا لانها على يقين بان كل صاروخ يسقط على غزة انما هو بالحقيقة من اجل ان تطفئ من خلاله جهاز للطرد المركزي في مفاعل بوشهر الإيراني