قدّمت الولايات المتحدة الأمريكية العراق على طبق من ذهب للجمهورية الاسلامية الايرانية سواء عن طريق العقل التخطيطي المُسبق لمراكز الدراسات الاستراتيجية أو من خلال النتائج التي رافقت عملية اسقاط صدّام حسين في جورة الاحتلال وأعادت بناء دولة عراقية مُحاصصة من قبل مكونات عراقية محكومة من قبل طبقة سياسية فاسدة أوصلت العراق الى ما هو عليه من أزمة مفتوحة وبقوّة على التقسيم . بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق دخلت ايران الى العراق من باب الحكومة بعد أن دخلت الى البيئة الشيعية وأمسكت بأوراق الجميع من المرجعية الى الشخصيّات والأحزاب وباتت تتحكّم بقرار الجميع بمن فيهم أولئك الذين لا يؤمنون بما تؤمن به ايران من دين الدولة الذي يتغذى على مصالح تعطي الثورة مشروعية الاطاحة بالحواجز المعيقة بتقدّم أدوارها في أوسط محكوم بقوّة الأقوياء . تعاطى العرب مع العراق كولاية تابعة للجمهورية الاسلامية الايرانية ورفضت دول الخليج خصوصاً التسليم بعراق كدولة مستقلة وحاولت شخصيّات شيعية وبخجل دعوة دول النفط الى علاقة مقبولة مع عراق عربي الاّ أن القيادة الخليجية رفضت عربية العراق واعتبرته فارسيّاً وحتى اشعار آخر . من جهتها لم تهتمّ كثيراً الشخصيّات الشيعيّة بزعل شيوخ الخليج ولم تحاول الاجتهاد لتبديل الموقف من العراق السلبي بموقف آخر ايجابي مادامت السلطة في أيديهم والثروة تحت أقدامهم واعتبروا أن تغيير العراق الشيعي شيء مستحيل على ضوء أكثرية شيعية تحميها دولة اقليمية ايرانية . وهكذا بلغ الفساد من الجهة واحتكار السلطة من جهة مضاعفة جديدة أعطت الأحزمة الناسفة سُمّاً مذهبياً نسفت البنية الاجتماعية العراقية الى كتل شيعية وسُنية وكردية غير قادرة على التعايش مع حكومة فاشلة في كل شيء ومنحت البلد للمتطرفين من البعث الى داعش وبات مستقبل العراق  كاقليم بات محطّ سيناريوهات متعددة من التقسيم الى الفدرلة  الممكنة على ضوء تتطلعات الشارع العراقي في ظلّ رغبة دولية متفرّجة على مجرى ما يجري في العراق وسورية . ومنذ أزمة العراق الجديدة ورئاسة الحكومة تتعاطى معها بنفس الطريقة التي تعاطى بها النظام في سورية الأمرّ الذي جعل من الحرب في سورية طويلة جداً وهذا ما سيحدث في العراق لأن الوسائل المتخذة بمواجهة الداعشية أو البعثية أو ما يحلو للمالكي تسميتها وسائل سلبية وغير ايجابية لأن الطريق القويم والصحيح لعبور بحر النجاة من جهنم الحرب هو البدء بعملية سياسية جدية تعطي العراق والعراقيين فرصة جديدة للحياة خارج الحسابات الضيقة لأشخاص فاشلين ولدول لم تتعاطى مع العراق كدولة .

في سورية فشلت ايران في المحافظة على نظام أعطاها موقعاً مهمّاً في الشرق الأوسط من خلال اعتماد الحرب وسيلة لردع المعارضة ومازالت تنأى عن خيار التسوية المقبولة في اخراج الأسد من المعادلة والاتيان بشخص آخر من خارج دوامة العنف والبحث عن أفق جديد لسورية جديدة. تماماً كما تفعل الآن في العراق من خلال تمسكها بالمالكي كحل دائم لأزمة عراقية ذاهبة باتجاه الحروب المتعددة الوجوه .. لم يستفد الايرانيون من التجربة السورية في لبنان عندما تمسك الأسد بالتجديد المرّ للحود ومن خلال الممارسة السلطوية المطبقة على الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وما آل ذلك الى نتائج لا حاجة لذكرها الآن . أعتقد أن فشل ايران في الدولتين مسودة قابلة لقراءة أخرى اذا ما برهنت القيادة المعنية بالشام وبغداد عن استعداد جديد لدور معافى من أمراض القوة المفرطة  ومستمع لنداءات العقل في التعاطي مع أزمتيّ سورية والعراق .. هذه الرؤية المدينة لدور ايران في مجال نفوذها المباشر يقابلها رؤية أخرى تجد في ايران السدّ المنيع أمام قيام أوسط فوضوي من مدخليّ سورية والعراق .